سُعار الايديولوجيا العَمْياء!

تم نشره الأربعاء 23rd تشرين الأوّل / أكتوبر 2013 12:40 صباحاً
سُعار الايديولوجيا العَمْياء!
خيري منصور

سخر الكاتب الاسرائيلي دانيال دورون من كل الكتاب والناشطين اليهود الذين يرون بأن الدولة الفلسطينية حق للشعب الفلسطيني، بقدر ما هي ضمانة سلام لاسرائيل.. وقال دورون ان عاموس عوز وديفيد غروسمان وآخرين من اليسار هم ضحايا أوهام وفي مقدمة هذه الأوهام وهم الدولة الفلسطينية.

ومبرره في هذا كله ليس تقليدياً أو امتداداً للأطروحات الصهيونية، وما تفتق عنه ذهنه المحشو بالعنصرية هو ان الدولة الفلسطينية في حال اعلانها واستكمال عناصرها، لن تختلف عن النظم الاستبدادية في العالم العربي، فزعماء العرب يصرفون انتباه الفقراء والمضطهدين من شعوبهم الى أمور اخرى، منها الكلام عن الصراع العربي الصهيوني.

هكذا إذن، يطيح الخطاب الجديد الملفق وكأنه لصالح الشعب الفلسطيني فالكاتب ينصح الفلسطينيين بألا يسعون نحو إنشاء دولة، لأنها بالضرورة ستكون على غرار الدول العربية الأخرى، وهنا لا تليق عبارة شر البلية بهذا السياق لأن البلية حسب هذا الطرح لا تضحك ولا تبكي بل تثير السخرية من ذهنية توقفت عن النمو عند الخرافة وناصبت التاريخ العداء فتحول المستقبل ايضاً الى عدو لها والى كمين لاجيالها المقبلة.

هذه المرة يريد دهاقنة الاحتلال والاستيطان العنصريون الإشفاق على الشعب الفلسطيني ليس بسبب تشرده واحتلال ارضه واستيطانها وانتهاك مقدساته، بل يشفقون عليه من دولته إذا أعلنت لأنها ستكون استبدادية وبلا ديمقراطية وتنتهك فيها حقوق الانسان، هذا الخطاب عيّنة نموذجية قابلة للفحص تحت المجهر النفسي، بحيث تتحول الى أمثولة تتداولها شعوب العالم للبرهنة على أن العنصرية لا بد أن تنتهي الى السّعار العرقي ومن ثم الى الجنون، ولو شئنا مجاراة هذا الكاتب في أطروحته الخرقاء لقلنا أن من حقه أن ينصح كل نساء العالم بعدم الانجاب، لأن الأبناء سوف يموتون ذات يوم، ومنهم من سوف يمرض أو يصبح عاطلاً عن العمل.

انها النظرية التي سخر منها هانكوك خبير البنك الدولي المستقيل عندما قال ان أفضل طريقة لمعالجة الفقر هي ابادة الفقراء، وبالمعنى ذاته تصبح أفضل وصفة لانهاء المرضى من عالمنا هي اعدام كل المرضى!

الى هذا الحدّ وصلت فلسفة الاحتلال، بحيث لا يعتذر للضحية عما اقترف بحقها لستة عقود، بل يمنّ عليها بالنصيحة كي تبقى تحت الاحتلال وبلا دولة، لأن ذلك أسلم، ما دامت الدولة ستكون بالضرورة استبدادية..

فمن هو الذي يستحق الاشفاق؟ هل هم الفلسطينيون في حال اعلان دولتهم أم هذا المصاب بسعار الايديولوجيا العمياء!

( الدستور 2013-10-23 )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات