تخفيض الفائدة هل يجدي؟

تخفيض أو رفع سعر الفائدة على الدينار هو أحد الخيارات التي لا تغيب عن البال وتظل دائماً ماثلة أمام أنظار البنك المركزي، فهذه إحدى أدوات السياسة النقدية التي تتحلى بالمرونة، وتلحق التغيرات والتطورات المستمرة.
في المرة الأخيرة قبل ثلاثة أشهر خفـّض البنك المركزي سلم الفوائد على معاملاته مع البنوك، مما يدل على أن أي تغيير آخر في سعر الفائدة سيكون باتجاه التخفيض، خاصة وأن أسعار الفائدة على الدولار ومعظم العملات العالمية ما زالت في الحدود الدنيا وبالفعل قام البنك المركزي هذا الأسبوع بالإعلان عن تخفيض آخر، فهل سيكون مجدياً؟.
فرق سعر الفائدة لصالح الدينار لم يأت ِ مصادفة بل كضرورة لتعويض المخاطر الموجودة في اذهان الناس، سواء كانت مخاطر حقيقية أو وهمية، فالدولار من أقوى العملات، وهو مدعوم بأكبر اقتصاد في العالم، فمن الطبيعي ان يكون اكثر جاذبية من الدينار إذا تساوت الشروط الأخرى وخاصة سعر الفائدة.
من ناحية أخرى فإن معدل التضخم الراهن يتراوح حول 6%، أي أعلى من سعر الفائدة الشائع على الودائع، مما يعني أن سعر الفائدة على الدينار الأردني سالب، وهووضع غير صحي، وفي العادة غير قابل للاستمرار.
يذكر أن أسعار الفائدة على الودائع والقروض والسندات الحكومية تتقرر على ضوء العرض والطلب. وليس من المؤكد أن قرار تخفيض سلم الفوائد التي يتعامل بها البنك المركزي يؤثر بشكل جوهري على أوضاع العرض والطلب في السوق وبالتالي على أسعار الفائدة المصرفية تجاه المودعين او المقترضين.
تخفيض أسعار الفائدة في معاملات البنك المركزي يمكن أن يؤثر على البنوك التجارية التي تقترض من البنك المركزي، وهو سلوك غير شائع عند البنوك الأردنية، فهي تعتمد على سيولتها الخاصة، وتغطي التقلبات والاحتياجات الطارئة من سوق ما بين البنوك.
عندما خفـّض البنك المركزي سلم الفوائد على معاملاته مع البنوك قبل فترة لم يحدث أي تغيير يذكر، على العكس من ذلك واصلت أسعار الفائدة على الودائع الارتفاع، وبقيت مستقرة على القروض، كما أن سعر الفائدة على إصدارات السندات الحكومية لم ينخفض بل ارتفع قليلاً لأن بعض البنوك تعتقد أنها وصلت حد الإشباع وأصبحت تملك ما يكفي من تلك السندات، ولا تريد أن تتوغل فيها أكثر، خاصة بعد أن تحولت البنوك عملياً إلى أدوات لامتصاص مدخرات المجتمع وتحويلها لتمويل عجز الخزينة.
تخفيض سعر الفائدة على الدينار يشجع الدولرة ولا يحقق النمو الاقتصادي وبالإجمال ليس مجدياً.

( الرأي 2013-10-24 )