لا أحد يثق بأميركا

تم نشره الخميس 24 تشرين الأوّل / أكتوبر 2013 01:15 صباحاً
لا أحد يثق بأميركا
حسان حيدر

انها القصة القديمة تتكرر مع اميركا. في كل مرة نكتشف انها في واد ونحن في واد آخر... وانها تتصرف مدفوعة بحسابات ومصالح مباشرة، ولا تعمل بوحي مبادئ ومفاهيم يتقصد قادتها ان يصيغوها في جمل مبهمة للاستهلاك العام، ويمكن ان تنطبق على كل وضع وكل حين، لكنهم ايضا يبيعونها الى العالم باعتبارها «نبراسا» لا حياد عنه في سياساتهم الخارجية.

وفي كل مرة، يعاود العرب المكتوون بنار الاصدقاء اكثر من الاعداء، وضع ثقتهم في الديبلوماسية الدولية، لأنهم يدركون ان خيار المواجهات في المنطقة يعني التدمير والفوضى من دون تحقيق المرتجى، ويمكنه ان يطيح في ايام ما تطلب تحقيقه عقودا، وان يعيد عقارب الزمن الى الوراء بعدما تطلبت زحزحتها الى الامام جهودا هائلة.

هناك بالتأكيد حدود لقدرة الديبلوماسية الدولية على معالجة الازمات وايجاد الحلول لملفات معقدة ومتشابكة اقليميا ودوليا مثل القضيتين الفلسطينية والازمة السورية، لكن ثمة فارق جلي بين الالتزام الجاد بالتوصل الى حل منطقي حتى لو قارب اجتراح المعجزات، وبين مجرد رفعه شعارا لا يوصل الى اي نتيجة.

ففي مفهوم «الحل السياسي» في سورية الذي تسعى اليه موسكو وتتبناه واشنطن خلل واضح يساوي بين الضحية والجلاد، بل يفضل الاخير ويجهد لادامة عمله وحمايته من المحاسبة.

ويستند الروس في موقفهم الى رغبة اميركية معلنة في تفادي اي مواجهة لا تتعلق بأمن الولايات المتحدة المباشر، حتى لو عرضت حلفاءها واصدقاءها لمخاطر شتى، فيصعدون حملة التعمية المقصودة التي تضع المعارضة السورية كلها في كفة التشدد والتطرف و»القاعدة». ويبتلع الاميركيون والاوروبيون الطعم حتى يصبح هدف التسوية المفترضة ليس تشكيل حكومة انتقالية سورية تمهد لازالة رؤوس نظام الاسد واعادة تدوير جسده، مثلما نص على ذلك اتفاق جنيف-1، بل اثبات «اعتدال» المعارضة وقدرتها على «طمأنة» الغرب، وكأن المشكلة اساساً في المعارضة وليست في النظام.

قد تكون هناك ثغرات كثيرة وكبيرة في تركيبة المعارضة السورية وادائها، يعود معظمها الى قلة الخبرة السياسية والعملية، بعدما ظل المعارضون حوالى نصف قرن عرضة للقتل والاضطهاد، او الى تمسك بعض فصائلها بافكار جاهزة ومعادلات لم تعد قابلة للتطبيق. لكن هذه المعارضة رغم تشرذمها لا تزال تمثل الغالبية الساحقة من السوريين بمن في ذلك الخاضعين لعسف اجهزة الامن في المناطق غير المحررة، وتعكس تطلعاتهم الى بناء دولة حريات وديموقراطية، وما الضغوط التي تمارس عليها للجلوس الى طاولة واحدة مع «السفاح» كما تسميه، سوى انقلاب على ارادة السوريين وتشكيك في قدرتهم على الاختيار الصحيح.

رفعت المعارضة في اجتماع «اصدقاء سورية» في لندن اول من امس «لاءات» تتمسك برحيل الاسد ورفض مشاركة ايران ما لم توافق على مضمون جنيف-1. واستجاب وزراء الخارجية الاحد عشر لرغبتها في تأكيد عدم وجود دور للاسد والمقربين منه في المرحلة الانتقالية وما يليها، لكن العبرة في الالتزام، لانه يخشى مرة اخرى ان يتراجع الاميركيون عن وعودهم كما فعلوا ابان التهديد بتوجيه ضربة عسكرية الى قوات النظام، طالما انهم يعتبرون الوضع السوري ورقة للتفاوض مع ايران وروسيا.

( الحياة اللندنية 2013-10-24 )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات