طرابلس ... وامتداد النار!

تم نشره السبت 26 تشرين الأوّل / أكتوبر 2013 01:43 صباحاً
طرابلس ... وامتداد النار!
إلياس الديري

إذا كان أمن لبنان من أمن محيطه العربي، وتحديداً من أمن سوريا، فأمن الشمال من أمن طرابلس. هذا إذا لم يكن أمن كل الجغرافيا اللبنانيّة من أمن العاصمة الثانية، تلك الفيحاء التي كانت شرارة الإضراب في ساحاتها تحرّك ساحات وشوارع العرب.

والمرحلة التي تلت جريمة اغتصاب فلسطين، ثم إطلالة جمال عبدالناصر كزعيم مصري لكل العرب، ولكل قضاياهم، وفي الطليعة قضيّة فلسطين، هذه المرحلة حوَّلت طرابلس حاملةً لمشعل العروبة، وهاتفةً بصوتها.

إذا خرجت طرابلس إلى التظاهر، تسارِع بيروت إلى تلبية ندائها، ويتجاوب صدى صوتها مع هتافات الملايين.

كان ذلك في زمن مضى، في حلم لم يتفسَّر. أما اليوم، فطرابلس تكاد هي لا تعرف نفسها. ويكاد أهلها المعلّقون بها وبهواها لا يستطيعون تمييز ملامحها العابقة، العابسة، البائسة، والتي لا تمتّ بصِلة إلى سمات تلك المدينة التي كانت أقرب إلى منتدى فكريّ ثقافيّ وطنيّ قوميّ، تحجُّ إليه أجيال ذلك الزمان الجميل.

طرابلس اليوم نارٌ وبارودٌ، ووجوهٌ مُغْلَقة، ونظرات قاتمة، وشوارع خالية، ومتاجر مُقفلة، ومقاهٍ نادرة وفارغة حتى من النارجيلة ولو وحيدة من دون فارسها...

يا ناس، يا مسؤولين، يا نواب، يا وزراء مستقيلين مصرِّفين للأعمال، يا قادة أحزاب وقادة ميليشيات، إذا ما عادت الطقطقة والتكتكة إلى شوارع الفيحاء وزواريبها، فهذا يعني أنَّ كلام الرئيس بشَّار الأسد قد تفسَّر حالاً وسريعاً.

وإذا ما حلَقت طرابلس ذقنها في هذا الصدد، فلتحضِّر حالها بيروت وصيدا، وكل الشمال والجنوب، لرقصة النار التي بشّروا بامتدادها إلى لبنان.

وبديهي، ولألف سبب وسبب جغرافيّ وبشريّ وسياسيّ، أن تكون هذه المدينة المقهورة مهيَّأة بوضعها المتشابك والمرصّع بكل أنواع الميليشيات والتنظيمات والانتماءات لمغامرة النار التي سبق الحديث عنها.

ما يحصل، منذ زمن بعيد وطويل، بين باب التبّانة وبعل محسن لا يختلف عن الحنجلة التي تمهِّد عادة للحروب.

وما تحتاج اليه المسألة الطرابلسيَّة الشماليَّة بصورة عامة وقفة ممن يحملون أشرطة ونجوم التزعّم في المنطقة، تُعلَن خلالها الحقائق والوقائع، ويُطلب من بقايا السلطة إعطاء التفويض الكامل الشامل للجيش وقوى الأمن.

كل الكلام التطميني، وكل التصريحات التي تفسّر الماء بعد الجهد بالماء، وكل الاجتماعات الواسعة أو الضيقة لا تحبِّل، ولا تُسمن، ولا تُغني عن جوع، ولا تُحقق سلاماً وأمناً لمدينة لا تختلف بوضعها المُحرج والمُقلق عن السبايا.

فالقضية قضيَّة قرار يُتَّخذ ويُنفَّذ، وتنتهي هذه الجلجلة الطرابلسيّة. أو لا مندوحة من تمدّد النار...

( "النهار" 26/10/2013 )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات