الملكية الدستورية ... طريق الحكم الرشيد ... الآمن و المستقر
لا يمكن باي حال من الاحوال اغفال نمو حركة وعي الافراد داخل المجتمعات نتيجة حركة التطور الاجتماعية الطبيعية للشعوب و الحضارات و نتيجة الانفتاح الثقافي العالمي و انتشار الانترنت ( كحالة استثنائية ساهم في نشر المعرفة و الوعي و تبادل الاراء بطريقة سريعة و مذهلة ) و تاثير حركة هذا الوعي و هذا التطور على تزايد رغبة و امال و طموح الافراد و الشعوب في المشاركة في صناعة المستقبل و في ادارة شئون الدولة .
و مقابل ذلك فان متن العقد الاجتماعي يجب ان يخضع للتغير بما يتناسب و حركة النمو الطبيعية لفكر الافراد و تطلعات المجتمعات دون ان يخل بمتنه و غايته و انما القصد من ذلك اتاحة المشاركة للافراد ممثلين بالتيارات السياسية التي ينتمون اليها و للاحزاب بالمشاركة في ادارة شئون الدولة و اتخاذ القرارات و تمثيلهم في السلطات الثلاث خصوصا التشريعية منها .
و يخطىء من يظن ان حركة هذا الوعي او ما يسعى اليه من مطالب يسعى لخلق التوترات السياسية و حبذا من يعتقد ذلك ان لا يكمل مشواره معنا في تاسيس حزب الخضر الاردني لانه ببساطة شديدة انما يقف امام حركة التغيير الطبيعية للفكر الاجتماعي و لتطور فكر الافراد و السلوك البشري لكون ذلك يصطدم و الفطرة البشرية التي تميل الى الارتقاء في سلم المطالب و الحقوق مع تطور النمو الطبيعي للمجتمعات .
و لكونه يتسبب من جهة اخرى الى تازيم الواقع السياسي الذي يشهده الاردن من انعدام مطلق للثقة و التعاون بين الحكومات الاردنية المتعاقبة و المتوالية و بين الشارع الاردني .
الملكية الدستورية هي دعوة لحفظ النظام الملكي و السياسي معا في الاردن من خلال تحديد صلاحيات و مسئوليات السلطات الثلاث ( التشريعية - التنفيذية - القضائية ) بما يسمح مشاركة التيارات و القوى السياسية في صنع القرار و تمثيل المجتمع تمثيلا حقيقيا و فعالا .......
و ليست كما هي بالمفهوم السائد لدى البعض بانها دعوة لتقييد صلاحيات و مسئوليات و حقوق الملك بالمطلق بقدر ما هي اعادة توزيع لتلك الصلاحيات لتكون بيد الاشخاص المناسبين ( ممثلي الشعب ) لان الملك بطبيعة الحال يوزع جزء من سلطاته و لكن فقط على الطاقم الحكومي المكلف و على مستشاريه .
إنها دعوة لتنظيم تلك الصلاحيات و المسئوليات الموزعة لتكون موزعة على ممثلي الشعب الاردني حتى يتم تسيير اعمال الحكومات بشكل افضل و بما يمنع حدوث اي احتكار للسلطة ( توريث المناصب ) او فساد ( اداري و مالي في مؤسسات الدولة ) و تهميش لراي الشعب ( مجلس النواب ) .
و لعل الربيع العربي سنح الفرصة لبعض التيارات و الاحزاب السياسية و من ضمنها حزب الخضر الاردني - تحت التاسيس للمطالبة بضرورة تطبيق نظام الحكم الرشيد من خلال تبني الدولة لنهج الملكية الدستورية كخارطة طريق لنظام حكم ملكي - وراثي - نيابي - ديمقراطي , لما تستدعيه الاسباب و الظروف الراهنة التي نمر بها جميعنا في الاردن و هي :
1- اننا نؤمن بان الملكية الدستورية هي طرق الحكم الرشيد و صمام الامان لاستقرار النظام السياسي الاردني .
2- ان تطبيق الملكية الدستورية كنهج لسياسة الدولة انما هو مواكبة لنمو فكر المجتمع الاردني و تطوره الطبيعي و لا يمكن باي حال من الاحوال اغفال ذلك .
3- ان المجتمع الاردني يجمع على النظام الملكي الهاشمي و لكنه لا يتفق بجميع اطيافه و مكوناته السياسية على كيفية ادارة شئون الدولة .
4- ان تراجع قوة الحراك الشعبي و تشتته لا يعني عدم وجود فساد اداري و مالي و لا يعني عدم وجود عدالة اجتماعية و لا يعني عدم وجود تهميش لارادة المجتمع و قواه السياسية , و انما عائد لقوة الدولة في تشتيت الحراك و لتقيدها بتنفيذ بعض برامج الاصلاح , و بالتالي فان فتيل الغضب الشعبي باق و لا يجوز اهماله , بل بالعمل على معالجة جذور الغضب منعا لعودته مجددا حيث سيكون ذلك ضد مصلحة المجتمع الاردني و النظام السياسي الاردني و كيان الدولة الاردنية .
5- ان الاخذ بالاسباب الانفة الذكر اعلاه يمهد لترسيخ قواعد الدولة الاردنية و النظام السياسي و يكبسها مناعة ضد اي عبث او تغيير لكونه يلبي طموح المجتمع و قواه السياسية .
6- على الدولة الاردنية ان تعالج اخطاء الماضي ( من خلال الصلاحيات غير المحدودة التي منحت لبعض صناع من رؤساء حكومات و رؤساء اجهزة امنية , و التي اساءت لهيبة الدولة و صدعت قواعدها و ساهم في استفحال الفساد الاداري و المالي) بتحكيم مبادىء الحكم الرشيد من مسائلة و محاسبة و نزاهة و شفافية في ادارة الحكم .
حيث دفع ثمن هذه الاخطاء الفادحة طرفان فقط هما : المواطن الاردني حيث انتهكت بعض حقوقه و تقلصت الخدمات الممنوحة له و اصبح مطالبا بسد عجز الدولة ( الضرائب )
و الوطن حيث اصبح مفسا و مدينا رغم ما يملكه من ثروات و امكانيات . و ان كل ذلك - و لولا تعالي الاصوات المطالبة بالاصلاح - لكان الاردن سينزلق الى هاوية عميقة ( كارثة مالية بسبب العجز تراكمي ) كانت ستجعله فريسة سهلة و مطلوبة امام القوى السياسية العالمية لتمرير مشاريعها في المنطقة من خلال الاردن الذي لن يقوى امام افلاسه على رفض اي تعاون مع تلك القوى .
7- ان ترسيخ قواعد الدولة الاردنية من خلال الملكية الدستورية انما يساعد على ترسيخ النظام الملكي مستقبلا ... فمن الواجب ان نسعى كقوى سياسية على التفكير بمستقبل الاردن قبل ان نفكر بحاضره .
8- ان تبنًي منهج الملكية السياسية سيسمح بتنمية العمل الحزبي و السياسي المنظم و سيمكن المجتمع من اختيار ممثليه و نوابه و المشاركة في بناء ملامح المستقبل بما يحقق تطلعاته .
9- المتتبع لتاريخ الدستور الاردني و التعديلات التي طرأت عليه يجد ان دستور عام 1952 كان اكثر ديمقراطية من الدستور المعدل لعام 2011 فهل يعقل ان نعود للخلف في مستوى الحريات و الحقوق !
اننا في حزب الخضر الاردني - تحت التاسيس , نؤمن الى جانب ضرورة حفاظنا على هويتنا الاردنية العربية الاصيلة و ثوابت دولتنا الاردنية الراسخة فاننا نؤمن بضرورة المحافظة على نظامنا الملكي الهاشمي و صيانته من اي عبث او شبهة فساد او تطاول لنحافظ و اياه على وحدة النسيج الاجتماعي للمجتمع الاردني كصمام امان و استقرار كحارطة طريق لحكم رشيد قوي و متين يحفظ الوطن و المجتمع.
و من هذا المنطلق فاننا نؤمن بضرورة تطبيق الملكية الدستورية التي تحدد واجبات و مسئوليات السلطات الثلاث و تمهد لتمثيل الشعب تحت قبة البرلمان و تعبر عن إرادته و أماله و طموحاته تمثيلا حقيقيا , لنكون يدا بيد مع نظامنا الملكي الهاشمي و حكوماتنا الرشيدة و القوى السياسية على إختلاف فكرها صفاً واحداً قوياً و متحداً ضد اي عبث باستقرار وطننا و امن مجتمعنا الاردني الذي لطالما افتخرنا بانتمائنا اليه و خدمتنا له .