مقتل القذافي وسقوط ليبيا
وهكذا أعلن عن تشكيل إقليم برقة الفيدرالي الذي يتكون من مدن عدة تبدأ من بنغازي في أقصى الشرق وتنتهي بأجدابيا ، وتأسست حكومة تتكون من 24 وزيرا وقطعات عسكرية تتكون على مايبدو من جماعات مسلحة كانت عصب الحراك العسكري ضد القذافي ،فمدينة بنغازي المطلة على المتوسط هي من قدمت التضحيات الأولى وكادت أن تسحق لولا التدخل الفرنسي الذي أوقف تقدم كتائب العقيد القذافي عند حدود المدينة ،وتسبب في تراجعها حتى أجدابيا التي هي آخر مدن الإقليم المزمع والغني بالنفط والموانئ ، الأمر الذي أثار طرابلس الغرب وجعل من المجموعات السياسية الرافضة للفدرالية ومحاولات تقسيم ليبيا تنتفض منتقدة ومهددة ومتوعدة بالويل والثبور وعظائم الأمور ، وهو مالم يلق أذنا صاغية في الشرق الذي عمل على هذا القرار من أكثر من عام ، وعقد إجتماعات عدة للتحضير وشكل مجلس برقة الفدرالي في وقت تشهد ليبيا مابعد القذافي بداية لفشل دولة كانت من أكبر مصدري النفط الى العالم ولديها قيادة موحدة متهمة بالدكتاتورية وقد مارستها بالفعل ودفع الليبيون ثمنا باهظا بسببها ، وكان منتظرا أن يتم تأسيس دولة جديدة فاعلة تمتلك قدرات إقتصادية كبيرة وموقعا إستراتيجيا على البحر المتوسط غير إن ماحصل إن الثوار رفضوا تسليم أسلحتهم وبدأت مناوشات سياسية بين مجموعات مختلفة وبدأت القبائل تتحرك وتؤثر في عمل الدولة وصار طبيعيا أن لاتمتلك الحكومة قدرة التأثير والتحرك عند الحاجة لضبط الأمن والسيطرة على الموارد الإقتصادية والمنشآت النفطية ومنافذ التصدير ،وهو مادفع الى قلق متزايد من ضياع الدولة الذي عمق المخاوف منه إختطاف رئيس الوزراء علي زيدان من فندق في العاصمة طرابلس لساعات تأكد فيما بعد إن الخاطفين ينتمون الى ميليشيا يقودها مسؤول في في المؤتمر الوطني ،وإن من حرر رئيس الوزراء هم عناصر ميليشيا مناوئة للأولى .
الأكثر غرابة إن الميليشيات في ليبيا تعمل لحساب قوى دينية وشخصيات سياسية وأصحاب شركات وتجار وكأن إجماعا تحقق على تغييب دور مؤسسات الدولة في العمل السياسي والامني والإقتصادي لحساب الميليشيات المسلحة التي تمتلك القدرة على التحكم بكل شئ ،ويشكك مسؤولون في طرابلس بنوايا القائمين على أعلان إقليم برقة ويرون فيهم مجموعة سياسية تمتلك ميليشيا سيطرة على حقول النفط في المناطق الغنية وصارت تتحكم بعصب الإقتصاد وتبتز الخصوم وبقية المناطق الليبية بل وتصدر النفط لحسابها الخاص ولاتسمح بدخول اللجان الخاصة بالتحقيق في التجاوزات الحاصلة في الموانئ الخاضعة لسيطرة ميليشيات مسلحة .
مامن شك إن ليبيا كبقية بلدان الربيع العربي تتجه الى الفشل وعدم القدرة على التحكم لا بالموارد ولا بالأمن ،وقد تتحول الى مناطق نزاع طائفي وقبلي وسياسي لايوفر فرصا للمستقبل ولايمكن معه النظر بتفاؤل الى الأيام المقبلة التي ستكون حافلة بالصدام مع صعود التيارات الدينية المتطرفة التي تعمل على الإقصاء ورفض الأخر.
ليبيا لم تحتفل هذا العام بسقوط القذافي وبقيت تترقب.