مستلزمات تغيير المواقف
تغيير المواقف يتطلب أحياناً تغيير الأشخاص، واستبدال الوجوه، وتبديل الحقائب، وهو ضرورة لا يتم إلا بها، ولا يصح في الغالب بغيرها،
إذ يلزم التغيير إن كان حقيقياً، شطبُ الشعارات القديمة، وخلقُ أخرى جديدة، وتحديدُ أولوياتٍ مغايرة، ورسمُ سياساتٍ مختلفة،
بل إن التغيير الجاد يتطلب أحياناً تغيير الاتجاه، والانتقال إلى زوايا جديدة، ومربعاتٍ أخرى،
فلا يكون التغيير حقيقياً، إلا إذا كان انتقالاً وانتقاداً، وتغييراً في السلوك والتصرف والأداء، يؤدي إلى خلق مفاهيم جديدة، وأفكار مختلفة،
ولا يكون الأشخاص أنفسهم لكل المراحل، ولا يصلحون لكل الأدوار، ولا ينجحون في كل المهمات، ولا يسمون لكل الوزارات، ولا يحملون كل الملفات،
ولا يكونون إمَّعات يتغيرون بتغير الرأس، ويتبدلون باستبدال الرئيس، تركب سنتهم على كل سن، وتدور مع كل رأس، فلا مكان في السياسة لمن يقول "من يتزوج أمي يكون عمي"،
فلا يصلح من هادن العدو لمواجهته، ولا يُقبل من قمع الشعب لمصالحته، ولا يكون من سرق أميناً على المال، ولا من كذب وخان قاضياً يحكم، أو حاكماً يدير، ولا يبقى من جُرب وفشل، وعمل وسقط، إذ "لا يُجرب المجرَّبُ إلا الذي عقله مخرَّبُ"،
والتغيير لا يكون شكلياً ولا سطحياً، ولا هامشياً ولا آنياً، ولا جزئياً ولا معزولاً، بل حقيقياً وعميقاً، وثابتاً ودائماً، وشاملاً وكاملاً، وله أثر وتظهر له نتائج، يلمسها المراقبون والمختصون، أصحاب الشأن، المستفيدون والمتضررون، والمتفرجون والمتآمرون،
وإلا فهو استخفافٌ بالعقول، وضحكٌ على الناس، واستغباءٌ للشعوب، وتكرارٌ للماضي، واستنساخٌ لمن سبق، وإعادةٌ للقديم، ونسجٌ ممجوجٌ لاسطوانةٍ بات الناس يسمونها ... مشروخة ...