زيف المناصب وسراب الحب
لا تخدعكم المظاهر، ولا تبهركم الأضواء، ولا يغرنكم كثرة المريدين، ولا عدد المرافقين، ولا هتافات المحبين، وتهليلات المستمعين، وتصفيق المشاهدين،
ولا تبهجكم الصور المرفوعة، ولا الكاميرات المنصوبة، ولا الأضواء الباهرة المضيئة،
ولا تفكروا يوماً بخلود مناصبكم، ولا بعلو كراسيكم، ولا ببقاء ذكركم،
فهذه كلها مظاهر كذابة، خادعة ومزيفة، إنها كالغمام في الصيف سرعان ما ينقشع، وكسرابٍ بقيعة سرعان ما ينكشف، فلا مطر في الأولى ولا ماء في الثانية،
إنهم في غالبهم يلتفون حول المنصب، ويتطلعون نحو المركز، ويصفقون لصاحب السلطة، ويهتفون لحامل العصا، أو صاحب الجزرة، يطمعون أو يخافون لا فرق،
وهم أول المنقلبين، وأشد المعادين، وأكثر المعذبين،
فلا فضل يحفظون، ولا قيمة يبقون، ولا ماضي يحفظون،
إنهم كغثاء السيل يتبدد، وكزبد البحر يذهب جفاءً،
فلا خيرية في أكثرية، ولا دونية في أقلية،
فلا غبار دماً ينقشع عن جيشٍ لجبٍ، بل قد يثيره قطيعُ غنمٍ،
ولا فلاح في صوتٍ عالٍ، ولا خسارة مع صوتٍ خاف،
ولا نصر بالتصفيق، ولا علو بالتطبيل،
والجاهل من تأخذه الجوقة، وتسكره الصرخة،
والعاقل من يدرك أنه القوة بحق، والفعل بصدق، وإن كان وحده، خافت الصوت، مجرداً من السلطة، محروماً من المؤيدين، فلا من يصفق له ولا من يهلل معه،
فهو على يقينٍ بأنه سيأتي اليوم الذي فيه يدفنوه، وفي جوف الأرض يواروه، وعليه سيهيلون التراب، وسيسكبون فوق قبره بعض الماء، ثم يغادرونه، ولا يلتفتون إليه من جديد، إلا عبرةً أو درساً...
فهل نعتبر جميعاً، القائد صاحب الصورة المرفوعة، والجاهل حامل الصورة المغرورة.