فعلها مرسي !

تم نشره السبت 09 تشرين الثّاني / نوفمبر 2013 01:07 صباحاً
فعلها مرسي !
طلعت رميح

لم يتمارض مخادعاً ليستدر تعاطف المواطنين، ولم يبدو خانعا أمام من وقفوا يحيطون به، بل هو تعمد أن يبدو في وقفته وحركته ومشيته متقدما الجميع وأن يبدو على ما تعود الناس أن يروه من قبل.

ولم يكن دفاعيا في موقفه وكلماته في ذاك الصباح، بل كان هجوميا، وهو الذي حرص من قبل حين كان صاحب القرار والسلطة العليا أن يكون في موقف المدافع ضد هجمات مغرضة، لم يكن يهاجم إلا بالقدر والنذر اليسير، لكنه كان هجوميا في ذاك الصباح بلا تردد ولا وهن.

وهو حين دخل قاعة المحكمة أظهر بجلاء أنه يركز رهانه على الشعب بعد المولى سبحانه وتعالى، حين تحدث بصفته الرئيس الشرعي الذي لا يفرط في أمانة حملها الشعب له عبر صناديق الانتخابات بالملايين. تحدث بصفته الرئيس بعد غياب قسري لأكثر من أربعة أشهر كان معزولا فيها عن الدنيا، لكي تأتي تلك اللحظة وهو في حالة ضبابية. لكنه ظهر على الناس وهو في كامل لياقته الذهنية والسياسية.

لم يمكن د.محمد مرسي خصومه من التقاط الصورة التي أرادوها.. ولم يمنحهم الفرصة التي خططوا لها، كانوا قرروا أن ينتزعوا في أول يوم محاكمة، رسالة من الرئيس، يجري توجيهها للشعب بأن الرجل ضعف واستسلم وبأن كل شيء انتهى.. وأنه أصبح مثله مثل مبارك في بداية أيام خلعه.. رئيسا سابقا ومتهما وخلف الأسوار، ومستسلما.

تحدث قائلا: أنا الرئيس، وقال إنه موجود في هذا المكان بالقسر.. وحمل سامعيه مسؤولية التغطية على الانقلاب الذي جرى على الشرعية. وجاء دخوله القاعة بعد دخول كل من جيء بهم قسرا واتهموا مثله، ليكون البروتوكول مضبوطا، فهو الرئيس. وزاد من ترتيبات البروتوكول أن صفق له من سبقوه بما أضفى جوا حقيقيا من التناغم مع قوله: أنا الرئيس. استقبل رئيسا وودع كذلك، حتى إن الرأي العام تناقل معلومات أو تمنيات– فور انتهاء الجلسة-عن إصداره قرارات بعزل المسؤولين والمشاركين في الانقلاب على الشرعية.

كان خصومه قد أعدوا العدة لتلك اللحظة. فقد حضر من كان معدا أو مستعدا للهتاف ضده في داخل القاعة. وكان إعلامهم حاضرا مستعدا للتشويه بكامل طاقته.. أو لشن الحرب النفسية الأخطر على الشعب. وكانت خطتهم –كما ظهر جليا-أن يلتقطوا صورا لمرسي وهو كسير الرأس أو زائغ البصر، أو جاءت خطتهم على أن يركزوا كاميراتهم على تحركاته (العفوية والطبيعية ليحصلوا على كادرات) وإحضار من يحلل الصور تشويها للرجل، نفسيا وسياسيا وإنسانيا. كانوا يريدون أن يستخلصوا من الصور والحركة والسكنات والنظرات.. رسائل إعلامية سرعان ما كانوا سيوجهونها للشعب، ليقولوا إنه مكتئب.. أو مستسلم.. أو خانع أو ضعيف.

وكان هدفهم، الأمل، أن يرسلوا رسالة للرأي العام أن عصر مرسي انتهى ليس فقط بأن أصبح متهما.. بل لأن أمر تمثيل الشعب رئيسا، قد انكسر من داخله.. ليرسلوا إلى من يؤيدوه ويدافعوا عن إرادتهم التي سلبت بأن كل شيء.. انتهى، وأن الرجل تخلى عمن انتخبوه ومن مازالوا يساندوه.

فعلها مرسي.. كان مواجها وقويا. فتراجع خصومه عن إذاعة الجلسة على الهواء، وأصبحوا هم من يقف موقف الدفاع والخوف، حتى قال البعض إنه أقوى منهم وهو سجين. لم يستطيعوا أن يحصلوا على أي صورة إلا وهي تحمل رسالة قوة وصمود من الرئيس لا العكس. بل أعاد ظهوره طرح القضية الأصلية. وهي أنه الرئيس الشرعي. كان ومازال.

فعلها مرسي.. ولو لم يفطنوا في اللحظات الأخيرة لخطورة نقل الجلسة على الهواء على كل ما فعلوه، لكانت أمور من سجنوه أسوأ.هم من تراجعوا وخافوا وهم يخشوه وهو لا يخشى إلا الله. تلك هي الرسالة التي خرج بها المتابعون.

( الشرق 9/11/2013 )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات