على الورق
في غزة عندما تغيب الشمس عن العيون ذات مساء، وتشرق من جديد على عشق دفين في قلب الأرض ورائحة زكية لمسك من ترابها ومن عبق الحكايات المروية أو المرئية......
هناك حيث الصبية الصغار عراة من كل شيء عدا جلودهم، وقلوبهم الفتية، وضحكاتهم العصية على الدمار...
هناك ترتسم ابتسامة على شفتيها لينير وجهها كبدر في دروب مظلمة أطفأ لونها حلكة الاحتلال.. ولتقص علينا كلماتها البريئة بصورة سريعة:
اسمي سمية، عمري أحد عشر عاما، أعيش مع عائلتي التي تتكون من أمي وأبي وأخي وأختي ولعبتي وأنا...
استيقظ كل يوم في الصباح الباكر لأستعد للذهاب إلى مدرستي التي أحب......وأستيقظ دون أن أزعج أمي وأتكاسل كما يفعل إخوتي؛ فأنا أحب المدرسة كثيرا، أحب رفيقاتي ومعلماتي وكتبي ودفاتري... أحب وقت الاستراحة، وحصة الرياضة كذلك...
أصحو باكرا أغسل يداي ووجهي جيدا، أتناول فطوري، وأقبل أمي وأبي، وأغدو برفقة إخوتي إلى المدرسة... وعند انتهاء الدوام وفي دروب العودة ترافقني صديقاتي حتى أصل إلى منزلنا الدافيء الحبيب......
اليوم في المساء همست في أذني لعبتي وقالت: أخاف أن أفارقك... أرهبتني كلماتها فضممتها بقوة وقبلتها على وجنتها....خيّم هدوء على المكان، ولكنه هدوء ما قبل العاصفة، أمسكتُ بلعبتي وهرعتُ مسرعة إلى حضن أمي الدافيء...
الآن تتعانق الأسماء في لوحة الشتاء على جدران الذاكرة، فشجرة عائلتي مرسومة في مخيلتي، وضحكات أمي وإخوتي تعيش في قلبي إلى الأبد.....
أعدكم أني لا زلت أحب المدرسة وإن أصبحت خيمة، وأطيع أمي وأبي فأرواحهم ترقبني من جنان الخلود....وألعب في حصة الرياضة ولو بدون قدمين... وأفرح بمزاح إخوتي حين يزورونني في أحلامي... وأضم لعبتي التي باتت مرسومة على الورق.........