في ذكرى رحيل أحمد الجعبري
الشهداء ....
على الأرض مميزون، وبين الناس مختلفون، وعند الله هم المقربون،
هم الأقوى والأجمل، وهم الأحب والأقرب، وهم الأذكى والأمهر،
وهم الأكثر شعبية، والأبقى حضوراً، والأوفر حظاً،
وهم الأنقى سريرةً، والأطهرُ سيرةً، والأطيب ذكراً،
وهم الأشد مقاومة، والأعظم ثباتاً، والأصدق موقفاً، والأخلص نيةً،
كالشامة هم دوماً في الجبين، يزينون كل بيت، ويشرفون كل عائلة، ويرفعون رأس كل أمة،
هم عند الله غرٌ محجلون، أصحاب الفضل العالي والمكانة العلية، والمنزلة السنية،
أرواحهم في حواصل طيرٍ خضر، معلقةً في قناديل تحت عرش الرحمن،
في السماء نجومهم تسطع، وفي الأرض ذكرهم يلمع، وبين الناس أسماؤهم تبقى وتُخلد،
إنهم الشهداء، خيرةُ خلق الله بعد أنبيائه ورسله،
يختارهم الله من بين خلقه، ويتخذهم شهداء عنده،
يميزهم عن الخلق، ويسمو بهم من بين البشر، ويشفعهم فيمن شاء من الأهل والولد،
في ذكراك أحمد نجدد العهد والوعد، أن نكون مثلك على ذات الطريق والدرب،
لا نتعب ولا نمل، ولا نخاف ولا نجبن، ولا نتردد ولا نضعف،
لتبقى الراية من بعدك مرفوعة، وإرادة المقاومة معقودة، لا تسالم ولا تهادن، ولا تفرط ولا تفاوض،
فقد عرفناك وعرفتُك ....
قامتك عاليةً وإن كنت ربعياً، رأسك مرفوع، وكرامتك موفورة، وإرادتك بالمقاومة عالية،
هياباً غير وجل، مقداماً لا تعرف التراجع، مقاتلاً لا تعرف الراحة ولا الاستجمام،
جسوراً شجاعاً لا يتسرب الخوف إلى قلبك، فلا مستحيل عندك ولا محال،
تتحرك في الميدان، وتجوب راجلاً في الحواري والساحات،
تتفقد جندك، وتتابع المقاتلين معك، وتتفقد حاجات المقاومين عندك،
نذكرك أبا محمد في ذكرى رحيلك وأنت الفارس الذي لم يترجل، والمقاتل الذي لم يضع بندقيته،
نذكرك فلا ننساك، ونحفظ اسمك ولا نغمطك حقك، ولا ننكر جهدك، ولا نتجاهل فضلك،
فجنودك ما زالوا في الميدان، وبذور الصمود الذي زرعت في الأرض نبتت ونمت وآتت أُكلها،
أنفاقك في عمق الأرض مازالت، تغذي، وأخرى تخزن، وغيرها تحترق وتتقدم،
ومعاركك التي خططت لها وحلمت بها، ما زالت حلماً يرواد خلفك، ويعيش في صدور جندك،
ومن بعدك كان نصرٌ وسيتلوه آخر، نصراً بعد نصر،
رفع الله يا أحمد بالمقاومة مقامك، وأعز شأنك، وأبقى بين الناس طيب ذكرك،
طبت حياً وطبت شهيداً، وسعدت في الحياة وأكرمك الله إذ اصطفاك،
رحمة الله عليك أبا محمد ... وأسكنك مع الأنبياء والصديق فسيح جناته، وجعلك من أهل الفردوس الأعلى،
فلا تنسانا وقد اختارك الله من بيننا، وكن لنا عند الله يوم القيامة ناصراً وشفيعاً ....