ما أقلّ الأوطان وما أكثر اللاجئين!

تم نشره الإثنين 18 تشرين الثّاني / نوفمبر 2013 01:50 صباحاً
ما أقلّ الأوطان وما أكثر اللاجئين!
خيري منصور

ذات عُروبة غابرة أو ما شئتم من الفراديس المفقودة، كانت كلمة لاجىء لا تحتاج الى وصف أو اضافة، فهو الفلسطيني بلا منازع، لكن ما ان أعاد العرب حوارية الموت بين هابيلهم وقابيلهم، حتى أصبحت كلمة لاجىء ككلمة المخيم بحاجة الى توضيح..

هل هو لاجىء عراقي أم سوري أم سوداني أم ليبي؟

وهل هذا المخيم أو ذاك يقطن فيه حاملو أكثر من ست جنسيات عربية أم أنه حكر على الفلسطينيين!

وذات عروبة غابرة كانت كلمة احتلال لا تحتاج الى وصف أو اضافة فهو الاحتلال الصهيوني لفلسطين، وكذلك مفردة التحرير، لم تكن هي الأخرى ملتبسة لأن المقصود بها هو تحرير فلسطين، لكن سرعان ما احتل عرب عرباً وقتل عرب عرباً وشرد عربٌ عرباً وانحصرت الحروب بين ذوي القربى وخرج العدو التاريخي من المعادلة لتصبح حروب العرب الجديدة هي حروب الاخوة الأعداء..

هكذا أصبحت القواميس ومعاجم اللغة والمصطلحات بحاجة الى تنقيح سياسي لنعرف عمّ يتحدث هؤلاء عندما يذكرون كلمات مثل المخيم واللاجىء والعائد والمحرر!

كان العرب قبل ستة عقود بفلسطين واحدة ثم أصبحوا بعدة فلسطينات، وآخر الابتكارات التي نستحق عليها براءة اختراع هي النداء بحق العودة، لكن الى مخيم آخر، حتى الحنين اصبح لمسقط الخيمة وليس لمسقط الرأس.

لكن المثير بالفعل أن هناك أسماء مستعارة في هذه الحفلة التنكرية لكل شيء لأن تسمية الأشياء بمسمياتها تحول الى عورة، يتستر عليها الجريح تماماً كما أصبح الفقر عورة، والفتنة ثورة، والخريف المزمن ربيعاً والحمام غراباً..

أذكر عبارة ذات مغزى عميق لرولان بارت هي أن الوحيد الذي لا يرى برج ايفل بباريس هو من يدخل اليه، ونحن جميعاً لا نرى ما نحن عليه لأننا فيه، ولو قدر لأحدنا أن يرى الواقع كما هو وليس كما ينقله الاعلام الدَّاجن لأصيب بالاغماء على الفور.

وقد يكون هناك خطأ مطبعي بين الحداثة بالدال والحِراثة بالرّاء وبين القرار بالقاف والفرار بالفاء وبين العربي والعبري!

لقد اصاب الفضاء المؤلم والمعولم الناس بعسر هضم عقلي، وخلط حابل ثورتهم بنابل فوضاهم، لهذا اغتربوا حتى عن أنفسهم وبدأوا يتحدثون عن مصيرهم المجهول كما لو أنهم يتحدثون عن سكان كوكب آخر.

وخلال العقود الفائتة لم يتقدم العربي الا في العمر وفي عدد اللاجئين والمخيمات، وضحايا حروب الاخوة الأعداء!

( الدستور الأردنية 2013-11-18 )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات