متى تنتهي مشكلات عبَّارات وخطوط تصريف مياه الأمطار؟
لسنوات متتالية وقبل حلول فصل الشتاء كانت الجهات المعنية في أمانة عمان الكبرى تُصَرِّح أنها أجرت صيانة شاملة لعبَّارات وخطوط تصريف مياه الأمطار لتكون أهلاً لاستيعاب ما يتدفق عليها. وقد طالعنا في الصحف قبل سنوات قريبة أن مبالغ تقدر بملايين الدنانير قد أُنفِقَت من أجل إنشاء عبَّارات ومناهل وخطوط أنابيب لتصريف مياه الأمطار في مناطق معينة. ومع إقرارنا بأهمية ما أنجِز من أعمال وبالجهود التي بُذلت إلا أننا نفاجأ مع كلِّ فصل شتاء بانغلاق كثير مِن العبارات والمناهل وفيضانها لتجتاح مستوى الأرصفة، حيث تتعطل الحركة المرورية على الشوارع والأنفاق التي تغمرها المياه ما يؤدي إلى أضرار مادية مختلفة، منها ما يتعلق بالمركبات التي يجد من يقودها أنه مأسورٌ وسط بِركَة من المياه. ولا يغيب عن الذهن كم سبَّبت مداهمة المياه التي لم تكن تجد طريقها إلى العبَّارات بسبب انسدادها مِن أضرار بالغةٍ على بيوت الناس ومتاجرهم.
وإذا كان زحف أكوام التراب والحصى ومخلفات الإنشاءات أمام الأبنية قيد الإنشاء مع هَطْل المطر إلى العبَّارات وخطوط أنابيب تصريف الأمطار يسبِّب انسدادها، ولأن هذا السبب يشكِّل ذريعة لا ننفك نسمعها مِن الجهات المعنية في كل فصل شتاء فمن حق المواطن أن يسأل: لماذا لا يُصار إلى إجراءات وقائية بإنشاء جدران استنادية بارتفاع محدد في المناطق التي ينجرف ترابها وتتهاوى حجارتها على الشوارع الرئيسية والفرعية في كل موسم شتاء؟ ولماذا لا تقوم كوادر التفتيش التي لا ننكر جهودها، بإنذارِ ثمَّ مُخالفةِ أصحاب الأبنية قيد الإنشاء الذين يتركون مخلفات الأبنية والرمل وما شابه، دون وضع حواجز تعيق انجرافها فتكون سبباً لانغلاق في العبَّارات وانسداد في الأنابيب؟ والحالُ نفسُه مع الأبنية التي اكتُمِل بناؤها، فإنك تلاحظ مخلفات الأعمال الإنشائية وقد ألقِيَت على أرصفتها وعلى جوانب الشوارع دون اكتراث أصحابها بما ستجلبه من أضرار عند انجرافها مع الأمطار.
وفي الوقت الذي يجلب انهمار المطر الفرح للناس، فإن الخوف يلازم قلوب سكان الأبنية الذين تمر خطوط تصريف مياه الأمطار عبر حَرَم بيوتهم الكائنة على شوارعَ ذات طبيعة منحدرة ونهايات مغلقة غير نافذة “Dead End”. ويعود خوفهم إلى أن العبارات التي فُتِحَت أمام أبنيتهم مباشرة من قِبَل أمانة عمان، بالإضافة إلى مقاس قُطْر الأنابيب التي مُرِّرَت من حَرَم بيوتهم، وكانت قبل عقود من الزمن مقبولة لاستيعاب ما يصلها، لم تعد قدرتها تتحمل ذلك على الإطلاق، لِضيقها مقابل ما يتدفق عليها من حصاد أسطح العمارات القريبة الكثيرة التي بُنيت حديثاً، بالإضافة لما يهطل مباشرة في العادة على تلك الشوارع وما يَرِدُ إليها مُنساباً محملاً بالمخلفات من مناطق مرتفعة. إن هذه العوامل مقرونة بعدم استكمال إيصال الخطوط عبر أنابيب إلى خط النهاية لتصب في الشوارع، بل جعل نهايتها في بعض المناطق مباشرة على أراض خلاء محاطة بتلال من الأتربة والحجارة التي مِن السهل أن تسقط لتُطبِقُ عليها، إن ذلك كله يؤدي إلى انسداد في العبارات الرئيسة يتبعه فوراً اقتحام المياه لبيوت المواطنين وهدم أسوار كما وقع على سبيل المثال في شارع صنعاء منطقة عبدون الشمالي الشرقي قبل أعوام، ويتكرر في مواقع أخرى بشكل أكثر ضرراً. ويتساءل المواطنون كلما تكدست السماء بالغيوم وانهمر مطر الخير، إن كان جزاء الخدمة المجانية التي قدموها لبلدهم بموافقتهم على فتح عبارات وتمرير شبكات لمياه الأمطار وإقامة مناهل داخل حرم بيوتهم سيكون إلحاق الأذى بهم وبعقاراتهم بعد مرور سنوات من تقديمهم لتلك الخدمة؟
ويبقى سؤالٌ: إن كان من الجائز أن تمنح الأقسام الهندسية في الأمانة تصاريح بناء وبعدها أذون إشغال لأصحاب العمارات على يمين وشمال الشوارع ذات "النهايات غير النافذة" دون أن تتحقق ولو بالتفاتة إلى مدى أهلية وقدرة العبارات والمناهل والأنابيب على استيعاب ما سيصُبُّ فيها، حتى إذا وجدت عكس ذلك أوصت بإجراء اللازم مع الدوائر المختصة الأخرى،أم أن الحسابات مقصورة على فصل الصيف دون الشتاء؟