آخر من يدرون!!

تم نشره الأربعاء 20 تشرين الثّاني / نوفمبر 2013 01:37 صباحاً
آخر من يدرون!!
خيري منصور

ستظل محاولة بائسة بقدر ما هي يائسة تلك التي تستهدف اقناع انسان عاش ومات في قرية نائية ولم يرَ من الماء غير غدير او بئر ان هناك محيطا اسمه بحر الظلمات او الاطلسي، وان باخرة بحجم مدينة غرقت فيه وان عالمه الداخلي يعج بكائنات بعضها لا يتسع له غدير القرية او بئرها.

هذه مجرد مقاربة اخرى للتعبير عن بشر هم آخر من يعلمون، فهم يجهلون انفسهم اكثر من جهلهم بالاخرين لهذا يظنون بانهم محور الكون وان الشمس تشرق لاجلهم فقط.

ان اكبر محنة في تاريخ البشر منذ الكهف هي سوء التفاهم بين من يدري ومن لا يدري، رغم ان المصيبة في النهاية موزعة بين الاثنين، ما دامت الحصيلة هي الموت الذي قد تتعدد اسبابه لكن المصير واحد!

نقرأ في هذا العصر عمن احرقتهم محاكم التفتيش ومن صلبوا او اقتلعوا من جذورهم ونظن ان تلك الدراما الانسانية تنتمي الى الماضي البعيد، ونتناسى ان لكل زمان دولته ورجاله ونساؤه ايضا اضافة الى محاكم تفتيشه، فما جرى قبل خمسة قرون تكرر قبل خمسة اعوام في اكثر من عاصمة عربية، لان هناك من المفكرين من حكم عليه بالنفي او الاغتيال او المطالبة بطلاق زوجته لانه مارق ولم يعد فردا مرغوبا به في القطيع.

وحين قال يوسف ادريس ان الحرية المتاحة في العالم العربي لا تكفي كاتبا حرا و احدا، كان متفائلا، فالحرية التي تحدث عنها لا تكفي مقالة واحدة ولو شئت الحقيقة لما ترددت في القول انها لا تكفي جملة مفيدة واحدة.

وما يقال عن العقد الاجتماعي او اية صيغة للتعايش منذ الماغناكرتا البريطانية مرورا بجان جاك روسو الفرنسي وانتهاء بهذه الفوضى، له بدائل في العالم الذي سمي افتراء بالعالم الثالث وهو في الحقيقة اصبح يحمل رقم الثالث عشر، بعد ان تضاعفت الامية وتحالف الجهل مع الفقر والرضى بحيث اصبح هذا الحلف هو الاقوى في الكوكب كله.

ان المثقف العربي الذي يحارب التخلف يجد نفسه اشبه بالإله اندرا في الاسطورة اليونانية، فهذا الاله حارب الشيطان وكانت مشكلته المستعصية هي انه لا يرى عدوه بالعين المجردة لانه يتخفى تحت الف قناع وقناع ولم يجد اندرا اخيرا الا ساق زهرة اللوتس كي يختبىء فيها من الشيطان.

والان ما من ازهار لوتس او حتى صبّار بعد كل هذا التصحر الشامل الذي لم يسلم منه تراب او ماء او وعي!

ان من حق الذي لا يدري ان يتصور الغدير او البانيو مُحيطا.. ومن حقه ان يضع تايتانك من ورق ويغرقها في حوضه الصغير ولكن ليس من حقه على الاطلاق ان يبشر بثقافته واوهامه متصورا ان من شاهدوا المحيط الاطلسي مجرد مجانين..

ان لمحاكم التفتيش الف شكل وشكل ولغاليليو اسماء عديدة منها اسماء بالابجدية!

( الدستور الأردنية 2013-11-20 )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات