مجتمعنا ...والعمل التطوعي
إن الكثير من بلداننا العربية لا تهتم بالأعمال التطوعية أو قد لايتوفر في قاموسها مثل هذا الأمر ، وإن كانت بعض المنظمات فيها تحاول أوتبادر للقيام ببعض الأعمال التطوعية ولو على إستحياء ، لإن الكثيرين يعتبرون القيام بعمل وجهد وخدمة للمجتمع بدون مردود مادي قد يكون مضيعة للوقت وإستهانة بمشاعر وأحاسيس من يقوم بهذا العمل ، في حين نجد الكثير من دول العالم تعطي أهمية كبرى لهذا الأمر، وتعجبني دولة سويسرا في هذا المجال إذ تعتبر التطوع واجبا إلزاميا على من لا تنطبق عليهم شروط الخدمة العسكرية وحتى لو وصل عمره 60 عاما!!! فعليه المبادرة للقيام بعمل تطوعي بما يتوفر في بلده إسهاما منه بعمل لخدمة الوطن!!! .
فليس العمل التطوعي كما يخيل للبعض هو أن نلبس ملابس العمال وننزل بها للشوارع مع الإحترام لجميع العمال الذين يؤدون خدمات جلى للمجتمع، بل القيام بعمل يعود بالمنفعة على المجتمع والغير .
ومن الأعمال التطوعية التي قد يسهم به المرء ببذل بعض المال لخدمة مشروع يعود بالنفع على شخص أو المجتمع كبناء مدرسة ، مسجد ، مستشفى ، حديقة ، أو تعليم طفل ، أو إسهاما في معالجة مريض ، أو أستصلاح قطعة أرض لمزارع غير قادر،وقد يكون العمل التطوعي مرافقة بعض العاجزين في دور العجزة ولو لساعات بسيطة ، بعدما تركهم اهاليهم وأحبتهم في دور الإيواء.
والعمل التطوعي يمكن أن يكون بالمشاركة في الكوادر حين وقوع الكواراث الطبيعية ، كالأمطار والأعاصير وغيرها ، ويمكن أن يكون تبرعا عينيا لمتطلبات في المجتمع يسهم بها عن طيب خاطر ككرسي لمقعد ، سماعة لرجل أصم ، كتاب لطالب غير قادر ، حبة دواء لعجوز وغيرها من الأعمال ، وقد يكون تطوعا فكريا يسهم في ندوات أو محاضرات تفيد مجتمعه ، أو تعليم مجاني لبعض من يتطلب مساعدتهم ..ويكون العمل التطوعي مدفوعا بحب ورضا وقناعة من يقوم به هذا المتطوع . ولإنه يعتبر خدمة إنسانية ووطنية تهدف لحماية الوطن وأهله من بعض الأخطارفحبذا أن نسهم كل حسب مقدرته واستطاعته ،فالمتطوع هو شخص سخر نفسه عن طواعية ودون إكراه أو ضغوط خارجية لمساعدة ومؤازرة الآخرين بقصد القيام بعمل يتطلب الجهد والوقت والمال ،ايا كان ضمن مجاله .
العمل التطوعي له فوائد كثيرة تعود على المتطوع وعلى المجتمع بالخير ،فهو ظاهرة تدل على الحيوية بين أفراد المجتمع وتدل على الإيجابية ، وتبين متى تقدم الشعوب وتفهمها لما تقوم به من خدمة للوطن وأهله. كما وتظهر الصور الإنسانية للمجتمع ، بدعمها للناس ، وتظهر لمسة حانية مجردة بعيدة عن الصراعات والمنافسة لمن يحتاج إلى هذه اللمسة!!
والعمل التطوعي قد يوفر خدمات قد لا تستطيع الإدارة الحكومية تقديمها لما تتسم به الأجهزة التطوعية من مرونة وقدرة على الحركة السريعة بعيدة عن الروتين الحكومي والبرواقراطية المملة لإتخاذ القرار.
والعمل التطوعي هو تكميل للعمل الحكومي وتدعيم لصالح المجتمع عن طريق رفع مستوى الخدمة أو توسيعها.
كما ويجلب العمل التطوعي الخبرات أو الأموال من خارج البلاد من منظمات مهتمة بالمجال نفسه ، حين معرفة هذه المنظمات بهذا العمل التطوعي ،إضافة إلى جانب المشاركة في ملتقيات أو مؤتمرات لتحقيق تبادل الخبرات ومن ثم مزيدا من الاستفادة والنجاح بين الدول .فالعمل التطوعي يزيد من لحمة التماسك الوطني. وهذا دور اجتماعي هام يقوم به العمل التطوعي.
وقد تواجه وتصادف من يريد القيام بعمل تطوعي عقبات وصعوبات ومعوقات منها الجهل بأهمية العمل التطوعي،وعدم القيام بالمسؤوليات التي أسندت إليه في الوقت المحدد، لأن المتطوع يشعر بأنه غير ملزم بأدائه في وقت محدد خلال العمل الرسمي.كما وأن السعي وراء الرزق وعدم وجود وقت كاف للتطوع تعيق أو تمنع إن لم تبعد الكثيرين عن الإنخراط في العمل التطوعي ، كما وقد يكون بعد المؤوسسات التي تسهم بالعمل التطوعي أو مشروع العمل بعيدا عن مكان سكن من يود المشاركة فيه ، وهناك عائق آخر هو وقت المتطوع الذي قد يتعارض مع وقت العمل او الدراسة ، والتي قد تتسبب بعدم المشاركة بهذا العمل التطوعي.
وقد تكون الثقافة المجتمعية عائقا في المساهمة بهذا العمل لعدم توفر الوعي الكافي بين أفراد المجتمع بأهمية التطوع والأهداف التي يسعى إلى تحقيقها. فثقافة التطوع متدنية بشكل كبير في كثير من المجتمعات العربية، للإعتقاد بأنه مضيعة للوقت والجهد ، ومن هذه المعوقات عدم بث روح التطوع بين أبناء المجتمع منذ الصغرفي المناهج أوالبرامج أو الخطط من قبل الدولة ،إضافة لعدم وجود لوائح وتنظيمات واضحة تنظم العمل التطوعي وتحميه .
وقد يكون للمنظمات القائمة على على العمل التطوعي بعض المعوقات لعدم وجود إدارة خاصة للمتطوعين تهتم بشؤونهم وتعينهم على الاختيار المناسب حسب رغبتهم. عدم توافر برامج خاصة لتدريب المتطوعين قبل تكليفهم بالعمل . عدم الإعلان الكافي عن أهداف المؤسسة وأنشطتها. المحاباة في إسناد الأعمال، وتعيين العاملين من الأقارب من غير ذوي الكفاءة. الخوف من التوسع خشية عدم إمكان تحقيق السيطرة والإشراف. تقييد العضوية أو الرغبة في عدم قبول عناصر جديدة فتصبح المنظمة حكراً على عدد معين، البعد عن الطموح والرضا بالواقع دون محاولة تغييره. عدم التقدير المناسب للجهد الذي يبذله المتطوع ،عدم تحديد دور واضح للمتطوع وإتاحة الفرصة للمتطوع لاختيار ما يناسبه بحرية.
ولنجاح العمل التطوعي يفضل ان يأخذ كل متطوع العمل الذي يتناسب وقدراته وإمكاناته ،أن يفهم المتطوع للأعمال التي سيقوم بها والمتوقع منه تنفيذها .وأن يلم المتطوع بأهداف ونظام وبرامج وأنشطة المنظمة وعلاقته بالعاملين فيها.أن يجد المتطوع الوقت المطلوب منه قضاؤه في عمله التطوعي.والاهتمام بتدريب المتطوعين على الأعمال التي سيكلفون بها حتى يمكن أن يؤدوها بالطريقة التي تريدها المنظمة.كما ويجب إيضاح الهيكل الإداري للمنظمة للمتطوعين. كما ويمكن عمل إجراء دراسات تقويمية لأنشطة هؤلاء المتطوعين في المنظمةلمعرفة مدى وقدرة ما قام به المتطوع ، وحتى يسهل الرجوع إليها في حال الحاجة للمتطوعين في أعمال جديدة فيما بعد.