تسويق الاتفاق النووي من إيران وحلفائها

تم نشره الثلاثاء 26 تشرين الثّاني / نوفمبر 2013 12:56 صباحاً
تسويق الاتفاق النووي من إيران وحلفائها
ياسر الزعاترة

لم يخرج مسؤول إيراني متحدثا عن الاتفاق النووي، إلا وكرر جملة أنه اعترف بحق إيران في تخصيب اليورانيوم، من دون أن يكمل النص الذي ورد في الاتفاق ممثلا في أن التخصيب المسموح به هو الذي تقل نسبته عن خمسة في المئة، أي الذي لا يمكن استخدامه لتصنيع أسلحة نووية، فضلا عن أن يشير إلى أن الاتفاق قد تضمن التخلص (تذويب) اليورانيوم المخصب فوق عشرين في المئة.

من زاوية إيرانية داخلية يمكن القول إن حكاية النووي الإيراني من ألفها إلى يائها تمثل معركة طويلة خاسرة، لو خاضها أي زعيم في العالم لاستقال بعد هذه النتيجة، ذلك أن إيران قد دفعت عشرات المليارات في تأسيس المشروع، كما دفعت أكثر من ذلك بسبب العقوبات، وها هي في النهاية تتخلص منه بهذا الاتفاق المرحلي.

وإذا قيل إنها احتفظت بحق الاستخدام السلمي للطاقة النووية، فإن الكل يعلم أن إيران ليست فقيرة بالطاقة، وهي لم تكن في حاجة إلى ذلك، كما أن الجميع يدرك أن المشروع كان يتعلق بالسلاح النووي، وليس بالطاقة النووية السلمية، ولم يقبض أحد حكاية الفتاوى التي تحرِّم إنتاج هذه الأسلحة.

صحيح أن الشعب الإيراني سعيد بالاتفاق، لكن ذلك لا ينفي أن أبناءه قد فكروا على هذا النحو، وتساءلوا عن جدوى ما جرى، وذلك البؤس الذي عانوه سنوات طويلة من أجل مشروع تم التنازل عنه بهذه الطريقة.

بالنسبة لأنصار إيران في الخارج من يساريين وقوميين، فضلا عن الطائفيين من أنواع شتى، فإنهم لا يملكون من مبرر للاحتفال بالاتفاق، وأقله الدفاع عنه سوى القول إن نتنياهو يهاجمه، مع أنهم يعلمون تماما أن الأخير يمارس الابتزاز، وأن عينه على الشق التالي من الاتفاق، كما أن عينه على شروط أخرى ينبغي أن تفرض على إيران.

هنا تنهض المعلومات المؤكدة التي تحدثت عن حوارات طويلة بين الأمريكان والإيرانيين استمرت شهورا طويلة، ويبدو أنها كانت سابقة على اتفاق الكيماوي مع نظام بشار، والذي لم يكن ليمرّ لولا دعم إيران، وكان جديرا بالتوقف أن يأتي الحديث عن صفقة النووي مباشرة بعد اتفاق الكيماوي ونجاة بشار من الضربة العسكرية، ما يدفع إلى الاستنتاج بأن التفاهم على أسس الاتفاق قد تمت أيام التلويح بالضربة، وأن إيران اشترت رأس النظام السوري مقابل مشروعها النووي (الكيان الصهيوني هو المستفيد في الحالتين).

كل ذلك لا ينفي أنها صفقة بالغة الأهمية بالنسبة لإيران، وربما تكون معقولة أيضا، إذ أن مشروع التمدد لم تكن كلفته سهلة أيضا، وإن كانت أقل من الكيماوي، لكنه بالنسبة لإيران أكثر أهمية من النووي. صحيح أن الشعار في الحالة الجديدة سيختلف، لكن ذلك لن يكون مهما، ذلك أن الشعار الجديد (دولة المذهب أو راعيته) لن يعني خسارتها سوى قلة قليلة من مؤيديها خارج إطار المذهب، هي التي تدرك أنها خسرت الغالبية الساحقة من المسلمين (أي السنّة) بسبب موقفها من سوريا، وقبله من العراق.

هنا قد نغدو أمام إيران أخرى. إيران تبحث عن مشروع تمدد بغطاء مذهبي، وستترك شعارات المقاومة والممانعة، وسينتهي حزب الله كحزب مقاوم، بل هو انتهى أصلا، وسيكون الموقف من الصراع العربي الإسرائيلي مختلفا إلى حد كبير، ربما عبرت عنه كلمة الرئيس روحاني في الأمم المتحدة، والتي تنسجم مع مواقف الأنظمة العربية من الصراع.

سينطبق ذلك على بشار أيضا، سواءً بقي هو في السلطة، أم تم التنازل عنه مقابل الإبقاء على المؤسسة العسكرية والأمنية ذات البنية الطائفية القريبة من إيران، وهي صفقة مناسبة لنتنياهو الخائف من الفوضى وسيطرة جماعات جهادية.

كل ذلك لن يكون قدرا بحال، لا في الملف السوري، ولا حتى في المواقف الإيرانية التي قد تتخلى عن النووي من دون أن تدخل في مزاج عداء شامل مع المحيط، طبعا إذا أصابها الرشد وبحثت عن صيغة تعايش مع الجيران العرب والأتراك، أما إذا أصرت على مسار التمدد والهيمنة، فإن الصراع سيكون مكلفا عليها وعلى الآخرين، ولن يستفيد منه سوى العدو الصهيوني.

( الدستور الأردنية 2013-11-26 )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات