صرخات الايتام..!

تم نشره الجمعة 29 تشرين الثّاني / نوفمبر 2013 01:16 صباحاً
صرخات الايتام..!
حسين الرواشدة

لو قدر لأحدنا ان يحصي عدد اليتامى في اوطاننا العربية - كبارا وصغارا -لانتهي الى حقيقة مفزعة : الذين فقدوا أباءهم وامهاتهم ،الذين انشغل عنهم اهاليهم وتركوهم لوالدهم التلفزيون اولامهاتهم الخادمات ،الذين حرموا من التعليم والصحة والحياة اللائقة ،الذين اخرجوا من اوطانهم او هربوا منها ،الذين منعوا من تنفس الحرية .. وغيرهم من المحرومين والممنوعين من الكلام والتعبير والمشاركة والشعور بدفء مشاعر الأهل او الوطن اوحتى العصر....مئات الملايين كلهم يتامى ، ويستحقون ان يكون لهم عيد _ان شئت ذكرى في يوم محدد- يوحدهم على مأساة واحدة.

ليست هذه مبالغة ،فنحن –بلا استثناء – يتامى عصر الحضارة والفقر والقهر والاحتلال، واذا كانت لغتنا اختزلت حالة “اليتم” في ثلاث كلمات ، فأطلقت على من فقد أمه “لطيما” وعلى من فقد اباه “يتيما” وعلى من فقد الاثنين “سخيما” فان بمقدورنا اليوم ان نتساءل عما اذا كانت هذه “الحالة بمفرداتها تستوعب من فقدوا اوطانهم ، أليسوا يتامى حقا؟ ومن فقدوا استقلالهم وحريتهم ، ومن وضعوا تحت الوصاية بعد ان تجاوزوا سنّ الرشد ، ومن انتزعت منهم حقوقهم واودعوا في السجون بلا تهمة ، أليسوا يتامى ايضا ؟ وبمقدورنا ان نتساءل كذلك عما تبقى من قيم الامومة والابوة في هذا العالم الذي تحكمه قوة واحدة ، تتصرف فيه كما تشاء وتتحكم بابنائه مثلما تريد ، تقتلهم بحجة تحريرهم من الطغيان ، وتجوعهم بذريعة اطعامهم من ثريد الديمقراطية ، وتحرمهم من آبائهم الشرعيين بدافع صناعة مستقبلهم الجديد !!

لو ملك الفقهاء حرية النظر –كما يقول الكواكبي- لخرجوا من الاختلاف في تعريف المساكين (وربما ايضا اليتامى) الذين جعل الله لهم نصيبا من المال فقالوا :هم عبيد الاستبداد ، ولحصّلوا كفارات فك الرقاب، وفي القرآن الكريم “كلا بل لا تكرمون اليتيم” .. وحالة اليتم هنا كما افهم عامة ، واليتيم –عادة- ضحية لفعل (قتل) من أي نوع كان ، “ ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة “ .. حيث احياء رقيق بالحرية –وما اكثر الارقاء – قد وضع في مقابل اعدام حياة انسان بالقتل ، وفي هذا يقول النسفي رحمه الله “ انه (اي القاتل ) لما اخرج نفسا مؤمنا من جملة الاحياء لزمه ان يدخل نفسا مثلها في جملة الاحرار لأن اطلاقها من قيد الرق كأحيائها”.

من يدخل اليتامى –اذن- في جملة “الابناء”المتنعمين بحنان الآباء والامهات والاوطان ،والعصر ايضا ،وفي جملة “الاحرار” المعتقين من سطوة القهر والرق والفقر والحرمان ،وفي جملة “الانسان” حيث الكرامة الانسانية هي المعيار ، وحيث لا يمكن لأي مجتمع ان يستقيم في غيبة الحرية ولا ان يتقدم في ظل شعور ابنائه “باليتم”وقلة الرعاية والاهتمام .

من يدخلهم .. من ؟

( الدستور الأردنية 2013-11-29 )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات