ابتســامــة حـرائر الإســكندريـة

تم نشره الأحد 01st كانون الأوّل / ديسمبر 2013 01:33 صباحاً
ابتســامــة حـرائر الإســكندريـة
ياسر الزعاترة

في ظني أن صورة فتيات الإسكندرية بلباسهن الأبيض وراء القضبان، وابتسامتهن التي تأسر القلوب، ستكون واحدة من أهم الصور في هذه العشرية الثانية من القرن الحادي والعشرين.

يا الله، كيف صدف أن التقطت الصورة لهن جميعا، وهن مبتسمات على ذلك النحو الساحر، لكأنهن في عرس، ولسن وراء القضبان؟! أية بطولة هذه التي تابعها العالم أجمع من قبل فتيات في عمر الزهور سرقن من كتبهن وكراريسهن وتم اقتيادهن إلى السجن، فقط لأنهن أطلقن بالونات عليها شعار رابعة؟!

كانت الحرائر بابتسامتهن يهزأن بالانقلابيين ويتحدين الجلادين والقضاء في آن معا. وحين جاء الحكم لم يزددن إلا قوة وصلابة، فيما كان العالم كله هذه المرة يهزأ من انقلابيين معهم العسكر والأمن والقضاء والإعلام ودول ومليارات، لكنهم ظلوا عاجزين عن احتمال فتيات يطلقن بالونات في الهواء تعبر عن تضامنهن مع ذكريات من يرونهن أجمل الشهداء الذي سقطوا برصاص القمع في رابعة والنهضة وما بعدها.

نطق القاضي بالحكم (السجن لأحد عشر عاما للفتيات الـ14)، فوقف العالم مذهولا، وخرجت صحف أجنبية في اليوم التالي تسخر من الحكم، فيما شعر قطاع من داعمي الانقلاب بالعار، فما لبث بعضهم أن نطق منتقدا أو منددا بالحكم، مع أن من سكت على دماء رابعة لا يطهّره انتقاد حكم بالسجن من هذا النوع أو سواه.

لقد أرادوا من خلال هذا الحكم أن يبثوا الرعب في أوصال الناس، بحيث لا يفكر أحد في السماح لابنته بالخروج إلى الشارع والتظاهر، لكن حرائر الإسكندرية الأخريات ما لبثن أن خرجن في اليوم نفسه ينددن بالحكم، ومعهن حرائر في مدن أخرى، وأحرار بلا عدد.

بعض الصغار يجهلون هذا النوع من الإصرار، فهم لم يناضلوا يوما، ولم يدفعوا ثمن الدفاع عن قضية نبيلة أبدا، ولو حتى بحرق أعصابهم، ولذلك يعتقدون أن الخوف يمكن أن يفعل فعله في الشرفاء.

أول أمس الجمعة كان يوما مشهودا أيضا، فقد خرج مئات الآلاف في كل المحافظات ينددون بالحكم، ويطالبون بإسقاط الانقلاب، الأمر الذي بدا مذهلا لمن اعتقدوا ومن يدعمونهم بأن كل شيء سيكون على ما يرام خلال أيام لا أكثر، أو أسابيع قليلة في أسوأ تقدير.

لم يكن الحكم على الحرائر سوى واحد من تجليات الانقلاب التي تؤكد أن ما يجري هو تكريس لدولة بوليسية، وقد كان قانون التظاهر هو عنوان القضية الأكبر التي وضعهم أمام قوًى ثورية وجدت أن من العار السكوت على ذلك أيا كان موقفها من الانقلاب، فكانت المظاهرات التي تم التعامل معها بنعومة، خلافا لمظاهرات الإخوان، مع وعود بإعادة النظر في القانون، الأمر الذي قد يحدث على نحو ما لأجل إرضاء البعض، من دون أن يغير ذلك في جوهره العرفي.

كان اعتقال المستشار محمود الخضيري محطة أخرى من محطات الفضيحة ، وكذلك مطالبة الإنتربول بتسليم الإعلامي المعروف أحمد منصور، وكلاهما بتهمة تعذيب محامٍ في مبنى قريب من رابعة، لكأن الإعلامي المعروف، أو الرجل السبعيني في حاجة إلى ذلك!!

إنها الفضيحة في أبهى تجلياتها. فضيحة دولة بوليسية تتشكل على الأرض كل يوم، وتتأكد حتى في الدستور الذي نصّ على تعيين المجلس العسكري لوزير الدفاع، ودائما تحت لافتة استكمال ثورة يناير، ما يفضح الكثير من النخب والقوى التي لا زالت تمارس التنفيس عن حقدها وثأرها مع الإخوان ومع الإسلاميين بتأييد الانقلاب، متعامية عما يجري على الأرض من ممارسات هي من النوع الذي ثار المصريون ضده في ثورة يناير.

شيئا فشيئا، سيرى الجميع حقيقة الانقلاب رغم الحملة الإعلامية غير المسبوقة، ويوما إثر آخر سيدرك الجميع أن لا سبيل سوى تحالف جميع الشرفاء من جديد من أجل استعادة ثورة المصريين ثورة 25 يناير.

( الدستور الأردنية 2013-12-01 )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات