النزاهة والسلطة التقديرية

تم نشره الأحد 01st كانون الأوّل / ديسمبر 2013 01:38 صباحاً
النزاهة والسلطة التقديرية
د. فهد الفانك

هناك بطبيعة الحال طريقة بسيطة ومباشرة لقطع دابر الفساد من أجهزة الدولة وتتمثل في منع المدراء والمسؤولين من اتخاذ أية قرارات!.

إلى حد ما هذا ما يحصل في الوقت الحاضر، فالمسؤولون والمدراء يترددون في اتخاذ القرارات تجنباً للاتهام الجاهز بالفساد لدرجة أن رئيس الحكومة احتاج أن يؤكد للمسؤولين بأن التردد في اتخاذ القرارات يؤثر سلباً على كفاءة الجهاز الإداري للدولة ولكن هل يستطيع رئيس الوزراء أن يصد التهم الجزافية التي قد توجه لصناع القرارات.

القرارات المعنية هي تلك التي تعتمد على السلطة التقديرية للمسؤول، أما عندما يكون للقضية المعروضة نص قانوني يعالجها، فلا حاجة لاستخدام السلطة التقديرية أو اتخاذ قرار بل مجرد تطبيق النص القانوني.

بهذا المعنى يمكن القول بأن اتخاذ القرارات من قبل المدراء والمسؤولين سواء في القطاع العام أو الخاص هو بالتعريف استخدام السلطة التقديرية التي تعتمد على خبرة وقناعة المسؤول. ومن الطبيعي أن متخذ القرار من هذا الباب يعني أنه مسؤول عن القرار، ويجب أن يحاسب إذا أخطأ ويثاب إذا أصاب، ويكفيه في الحالة الأخيرة أجر واحد!.

يلفت النظر في مسودة الوثيقة التي أصدرتها اللجنة الملكية لتعزيز النزاهة الوطنية النص على (استخدام السلطة التقديرية في أضيق الحدود)، ذلك أن السلطة التقديرية للمسؤول قد تعني الاستجابة للضغوط أو للواسطة أو تنفيع هذه الجهة أو تلك، أي أنها تفتح أحد أبواب الفساد.

مع الاعتراف بإمكانية سوء استخدام السلطة التقديرية لأهداف غير مشروعة، إلا أن منعها قد يكون أشد ضرراً، ويشبه أن نمنع المسؤولين من اتخاذ قرارات بحجة أن هذه القرارات قد يشوبها الفساد.

الفساد أصبح للأسف بمثابة فوبيا مرضية أو وحل يتم إلقاؤه في وجوه الناس بخفة ودون الحاجة لدليل، فالأصل أن المسؤول فاسد حتى تثبت براءته!!.

تحت هذا الباب يأتي إصرار بعض النواب المحترمين على إبقاء عبارة (من أين لك هذا؟) في عنوان قانون مكافحة الفساد ليدل على قناعة مسبقة بالإدانة بانتظار أن يثبت (المتهم) براءته.

من حسن الحظ أن اللجنة الملكية لم يطلب منها أن تبدأ من الصفر، فمنظومة النزاهة الوطنية موجودة، ولكنها قد تكون بحاجة للتعزيز أي لسد الفجوات التي يمكن أن ينفذ منها فاسدون. ويبقى أن الجهاز الإداري الأردني على علاته يظل أنزه وأنظف جهاز إداري في العالم الثالث.

( الرأي الأردنية 2013-12-01 )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات