طائرات انتحارية إسرائيلية
اليهود بشهادة القرآن الكريم، هم أشد الناس حرصاً على الحياة، وأقلهم تضحيةً بها من أجل غيرهم، أو في سبيل سواهم، فهي عزيزةٌ عليهم، أثيرةٌ على نفوسهم، فلا يتمنون خسارتها، ولا يبدون استعداداً لتمنيها إن كان فيها حياةً لغيرهم، أو أمناً لأمتهم، وللحفاظ على حياتهم فإنهم يضحون بحلفائهم، ويستغنون عن أصدقائهم، ويتآمرون على أقرب الناس إليهم، فضلاً عن جاهزيتهم من أجلها لإبادة أمة، وقتل شعب، واستخدام كل المحرمات، وتجاوز كل القوانين للوصول إلى أهدافهم، وتحقيق غاياتهم، وإن لم تكن مشروعة أو مباحة، ولو كانت مخالفة للقوانين الإنسانية والمعاهدات والاتفاقيات الدولية.
ولما لم يكن أحدٌ من اليهود على استعدادٍ للتضحية من أجل الأهداف العليا لشعبهم، ولا التفريط بأي شئ من متع الحياة الدنيا، في ظل انشغال قادتهم بأنفسهم، وانهماكهم في متابعة أخبار البورصات وأسواق المال، ولما لم يكن في قاموس حياتهم فدائيون واستشهاديون، يضحون بحياتهم من أجل أهدافٍ نبيلة، ويودعون أهلهم وأحبتهم بكل روحٍ معنوية عالية، دون أدنى احساسٍ بالسأم أو الضيق والكآبة، ودون معاناةٍ من يأسٍ أو فقرٍ وحاجة، وليس بدافع الفشل وفقدان الحبيبة أو العشيقة، وليس نتيجة انهيار البورصات، وخسارة الأرصدة ورؤوس الأموال، فقد كشف الناطق العسكري الصهيوني عن نية قيادة الجيش الإسرائيلي ادخال طائرة "انتحارية" دون طيار تحت اسم "هاربو"، وهي مزودة برأس ضوئي كجهازِ رصد يُمكنه تشخيص الأهداف، وإرسال الصور للقاعدة الخلفية، وإذا ما قرّر مُشغِّلها الهجوم تقوم بالاصطدام بالهدف وتدميره، حيث أنّها تحمل رأساً مُتفجراً شديد التدمير يعمل فور الاصطدام، لافتاً إلى أنّ قطرها 1000 كلم ما يؤهلها الوصول لإيران، وطولها 2.5 متراً، ووزنها 135 كغم.
هل تفكر إسرائيل جدياً في مواجهة العمليات الاستشهادية، بابتكارها طائراتٍ انتحارية، قادرة على الوصول إلى أهدافها بدقةٍ عالية، وتحقيق إصاباتٍ دقيقة في صفوف الخصم، لكنها هل تستطيع بهذا الابتكار وضع حدٍ لابتكارات المقاومة، واجتهادات المقاتلين، الذين يخططون ليل نهار ويفكرون في مختلف الوسائل والسبل التي يمكنها أن تؤذي العدو وتؤلمه، وتذيقه من ذات الكأس المر الذي يجرعه كل يومٍ لشعبنا الفلسطيني.
لا أعتقد أنها قادرة، أو أنها ستقدر يوماً على وقف ابتكارات وابداعات المقاومة، فهي ابداعاتُ حقٍ، وابتكاراتُ تصميمٍ، وتجديداتُ وعدٍ، ولعل أحداً في الكيان الصهيوني لا ينسى مقولة اسحق رابين رئيس وزارئهم ووزير دفاعهم الأسبق، "ماذا أفعل إزاء رجلٍ يريد أن يموت"، وهو الذي كان يعاني من صرخات شعبه، واستغاثات جيشه، الذي أصابته المقاومة وآلمته، في سلاسل من العمليات الاستشهادية التي روعت كيانه، في الوقت الذي كان فيه عماد عقل وعادل عوض الله ويحيى عياش يلاحقونه حتى في منامه.