في دائرة الانتظار... والاستهداف

رغم شحنة التفاؤل التي تنتابنا من الاتفاق مع دول الغرب على موضوع السلاح النووي لطهران، وما يمكن أن يتبعه من اتفاقات على ملفات أخرى، إلا أن "الزعل" السعودي يقلقنا. فاستقرار المنطقة، ومنها لبنان، قام على توافق الثلاثي مصر- السعودية - سوريا، ولما خرجت الثالثة من بيت الطاعة، حصل لها ما حصل. ولما أريد محاصرة السعودية بالركن الثاني من الثلاثي، أي مصر، انتفضت المملكة وأطاحت بثورة "الإخوان" لتعيد "أم الدنيا" الى مكانها الطبيعي. وحدها دمشق خرجت عن السكة، ودخل الرئيس السوري بشار الأسد في التجربة، سالكاً طريق "الخطيئة المميتة". تمكن والده الرئيس حافظ الأسد من ضرب الأصولية السنية في ثمانينات القرن الماضي من دون أن يرف جفن لأي نظام حليف أو خصم، ومن دون أي حراك لمجموعات أصولية مناصرة لحركة "الإخوان". كان الغطاء العربي السني متوافراً برضى الرياض والقاهرة.
لكن الاسد الابن أغضب الرياض والقاهرة معاً، ففقد الغطاء العربي، وعادى أميركا، وأغضب فرنسا ومعها أوروبا، تناصره ايران التي لا تحظى بأي رضى عربي أو أجنبي.
خلاصة القول إن السعودية غاضبة، وقد تجلّى غضبها في غير مناسبة، وحديث صحافي غير رسمي. وانعكس الأمر صراعاً متفجراً ما بين مناصريها وخصومها في لبنان، وقد يكون التوتر متنقلاً، وربما يصعب تنفيذ أي قرار في جنيف-2 المقرر مطلع السنة الجديدة، بل قد يتحول، كما حصل، بالارادة السورية في اتفاق الطائف، والذي لم يطبق رغم مرور 24 سنة عليه.
بالأمس سمعنا السيد حسن نصرالله يتهم السعودية بالتفجيرات والتوترات، إن في لبنان او في العراق، وتابعنا رداً مباشراً من "تيار المستقبل" يذكّره بأنه جندي لدى الولي الفقيه، ويجرّ الحرب من سوريا الى لبنان. كذلك راقبنا زيارة الأمير بندر بن سلطان الى روسيا، وحركة الاتصالات الناشطة ما بين القاهرة وموسكو. كل هذا نكاية بالولايات المتحدة الأميركية التي ذهبت الى اتفاق مع ايران لم تنسقه مع حلفائها. وهذا يؤشر الى عودة الحرب الباردة في المنطقة.
في الكلام الاخير للسيد نصرالله، وفي تسميته السعودية، تأكيد، لا لحرب باردة، بل لارتفاع السخونة الى الدرجة الحارقة بين المحورين، وتبشير بمواجهات قد تحتدم وتترجم على الارض تفجيرات واغتيالات.
والحرب الباردة - الساخنة في آن قد تطول، وتعرقل الحلول الممكنة، في انتظار تسوية ما قد يتأخر انتظارها، طالما ان الدول الكبرى تتقاسم المصالح، من دون إعارة اهتمام الى ما نفكر فيه نحن، او عدد قتلانا، وخسائرنا الاقتصادية والمادية المتراكمة.
المفتاح الى الحل اليوم هو في إرضاء السعودية، بمسعى دولي، لا بدعوة ايرانية فقط، وإلا فالبقاء في دائرة الانتظار والاستهداف... وتعداد الضحايا.
( النهار اللبنانية 2013-12-06 )