أقوى "الأنظمة" وأطولها!

تم نشره الخميس 12 كانون الأوّل / ديسمبر 2013 01:34 صباحاً
أقوى "الأنظمة" وأطولها!
نبيل بومنصف

ثمة مثل عامي يتوارث ترداده بعض من لا تزال ذاكرته القروية حية وهو "الثلم الأعوج من الثور الكبير". انه تماماً ما ينطبق على الطبق المقدم حديثا الى اللبنانيين في انفجارات تسلسلية لفساد الدولة والمجتمع الرسمي كالانفجارات المتعاقبة في سائر نواحي الحياة العامة للناس الذين صاروا لا يتوقفون أمام تطور مثل انهيار حكومة أمعن الزمن الطويل في هلهلتها ولم تعد تقوى على الصمود على رغم ضخها بمصل المقويات السياسية.

لم تقم مرة في تاريخ لبنان ولن تقوم على الارجح ظاهرة اصلاح جذري على غرار حملة "الايادي النظيفة" التي تولاها القضاء الايطالي في مواجهة المافيات التي كانت تعيث في الدولة فساداً واسعاً وكبدت القضاء ضحايا من القضاة الشجعان. في لبنان لم يعد الفساد الا "مسألة فيها نظر" لا تحرك ساكناً.

الفساد في لبنان صار "طبيعة" ثانية ملازمة للعمل العام ويتطبع معها الناس طائعين غير آبهين لدفع الرشاوى او لتلقيها في اليوميات البسيطة لأن مخالفة هذا "النظام" ترمي رافضيه في لجة الاهمال والتهميش. حين يشاهد اللبنانيون انكشاف ملفات فضائحية من عيار النهب العام بمليارات الليرات وينتهي الامر في لحظته بلا اي حراك وبلا مجرد احالة الملفات العابقة بفساد عفن على النيابات العامة ماذا تراهم يفعلون لتحصيل حقوقهم ومصالحهم؟

حين لا تكون الا الشبهات في اقامة الصفقات العملاقة الممر الوحيد لمجلس الوزراء ولا تتخذ حكومة من الحكومات المتعاقبة قاطبة قراراً واحداً بفتح ملف فاسد ولو على سبيل التنقية الشكلية وحفظ ماء الوجه فكيف يمكن اقناع اللبنانيين بأن طبقة سياسية شفافة تمثلهم وتحمي مصالحهم في ادارة المال العام؟

حين يستقتل مجلس نيابي للتمديد لنفسه وينجح في هذه المأثرة اليتيمة ويسجل رقما قياسيا في الاخفاقات التشريعية ولا يعتبر نفسه معنياً بافتضاح النهب الرسمي الجاري "على عينك يا تاجر" ماذا يبقى للناس غير تعميم الانطباع عن مغارة علي بابا التي ينعمون في دولتها؟

قد يقول قائل ان الفساد في لبنان لا يقف على الدولة وهو مستشر ومنتشر أكثر في القطاعات الخاصة والمجتمع اللبناني بكل نواحيه ومنه الاعلام والصحافة وحتى المؤسسات الدينية ناهيك بالأحزاب والجمعيات والبلديات وكل خلايا المكونات الاجتماعية وهذا صحيح ولا مجال لانكار او مداهنة او تستير. غير ان الواقع المفجع الذي يثبت على مدار المسيرة "التاريخية" هذه يتمثل في ان الاعوجاج يأتي من فوق وليس من تحت. لكنه "النظام" الأقوى من النظام السياسي والدستوري والواقع اللبناني برمته حتى بحروبه والذي قد تتغير انظمة كثيرة بعد ولا تمس من "قواعده وقوانينه" شعرة.

( النهار اللبنانية 2013-12-12 )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات