كسر الحواجز النفسية

تم نشره الثلاثاء 17 كانون الأوّل / ديسمبر 2013 01:40 صباحاً
كسر الحواجز النفسية
د. فهد الفانك

من حق من يشاء أن يتساءل: لماذا يستمر دعم الأعلاف بهذا الشكل إذا كانت النتيجة إنتاج خراف يجري تصديرها للخارج بنصف الكلفة الحقيقية ومع ذلك يحقق مربو المواشي أرباحا كبيرة على حساب الدعم الذي لا يستفيد منه المواطن الأردني.

ولماذا يستمر دعم الخبز بحجمه الحالي بالرغم من أن النتيجة هي الهدر، وذهاب الدعم لمن لا يحتاجونه ولا يستحقونه وفي المقدمة غير الأردنيين وأصحاب المخابز الذين تعطيهم الحكومة الطحين بربع التكلفة فسيتخدمون نصفه لإنتاج خبز يباع للجمهور بضعف الكلفة، ويباع النصف الباقي بالسعر التجاري لجهات تستخدم طحيناً غير مدعوم. لا عجب بعد هذا أن يرتفع صراخ أصحاب المخابز ضد فكرة البطاقة الذكية، لأنها تسحب البساط من تحت أقدامهم وتحرمهم من تحقيق أرباح غير مشروعة على حساب الحكومة والمجتمع. الحكومة تفهم ما يجري أكثر منا ولكنها تقف مكتوفة الأيدي، وتلعب دور المغفل الذي يمارس تجارة خاسرة ويستغله المستغلون وهو يتظاهر بأنه فاعل خير!.

الجواب هو الحاجز النفسي الذي يصعب كسره، فقد احتاجت الحكومة لعدة سنوات لتستطيع كسر الحاجز النفسي لسعر أسطوانة الغاز التي كانت تباع بنصف الكلفة وبعد جهد جهيد تم رفع سعرها إلى مستوى ثلاثة أرباع الكلفة.

كسر الحاجز النفسي ممكن إما بأسلوب الصدمة المفاجئة وهو أسلوب غير مرغوب فيه سياسياً واجتماعياً، ويسبب ردود فعل سلبية تريد أية حكومة أن تتجنبها، أو بالتدريج البطيء بحيث لا تكون الزيادة السعرية موجعة ولا توّلد ردود فعل قوية ولكنها تفتح الباب لخطوات أخرى بعد نزع القداسة عن السعر القديم الذي لا يستحقها.

سعر كيلو الخبز ما زال 16 قرشاً منذ 17 عامأً مما أوجد حاجزأً نفسياً يصعب كسره، لأن رفع السعر إلى الضعف ليس مقبولاً. فلماذا لا تضع الحكومة برنامجاً طويل الأجل للوصول إلى أو الاقتراب من الكلفة الحقيقية، بزيادة سعر الكيلو غرام قرشاً واحدأً، ثم تكرار هذه الخطوة الصغيرة مرة كل ستة أشهر.

أهمية هذا القرش الإضافي لا تكمن في تخفيض الخسارة بمقدار أربعة ملايين دينار في السنة، بل تكمن في كسر الحاجز النفسي وفتح الباب للاقتراب بالأسعار الخيالية إلى مستوى الواقع.

ما ينطبق على الخبز يمكن تطبيقه بسهولة أكبر على غيره من السلع والخدمات المدعومة كالأعلاف والكهرباء والماء، فالأصل أن تسعّـر كل سلعة أو خدمة بكلفتها الحقيقية، وغير ذلك يدخل في باب الفساد، وخلق الاختلالات ويعتبر رشوة تقدم للمستهلك مقابل سكوته.

( الرأي 2013-12-17 )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات