تقييم أزمة اليكسا والدروس المستفادة
لا يختلف اثنان في أن الأزمات جزء رئيس في واقع الحياة البشرية والمؤسسية، وهذا يدفع إلى التفكير بصورة جدية في كيفية مواجهتها والتعامل معها بشكل فعال مما يساهم في الحد من النتائج السلبية لها، والاستفادة إن أمكن من نتائجها الإيجابية.
ان ابسط مفهوم للأزمة هو انها :" فترة حرجة أو حالة غير مستقرة تحدث نتائج غير مرغوب فيها في وقت قصير و تنتظر تدخلاً سريعا أو تغييراً فورياً لإعادة التوازن" وعليه فان الوقت يمثل قيمة حاسمة في ادارة الأزمة. ومن هنا تبرز الحاجة إلى اتخاذ قرارات صائبة وسريعة لأن الموقف لا يحتمل الخطأ لعدم وجود الوقت لإصلاح هذا الخطأ. مما يعني ان تاخر اجهزة الدولة المختلفة في فتح الطرق واعادة توصيل الكهرباء وتقديم الخدمات اللازمة في الوقت المناسب هو خلل واضح في ادارة الأزمة.
ان ادارة الأزمة هي" التخطيط لما قدلا يحدث وفن التعامل مع الغير متوقع" وبالتالي فان اطلاق اجهزة الدولة لعبارات مثل قوة الموجة القطبية كانت مفاجئة وفوق التوقعات هي ايضا خلل واضح في ادارة الأزمة. إلا انه وفي الوقت ذاته برزت إيجابيات عديدة تبنتها بعض اجهزة الدولة في إدارة هذه الأزمة، لعل من أهمها انشاء فرق الطوارئ، وتوعية المواطنين، وتحديد الاولويات، والخطة الاعلامية للازمة. إلا أن هذه الإيجابيات رافقها بعض الخلل في الرقابة على التنفيذ وتعزيز مقومات النجاح.
بالمقابل غابت عناصر اخرى واهملت من قبل الاجهزة بالرغم من انها تعتبر من المقومات الهامة في ادارة الأزمات وهي سوء تقدير وتقييم الموقف الازموي والاضرار المتوقعة، وضعف الامكانيات المتاحة لبعض الجهات ذات العلاقة بادارة الأزمة، بالاضافة الى ضعف عمليات الاتصال والتنسيق بين الجهات المسؤولة عن ادارة الأزمة مثل وزارات البلديات والاشغال والطاقة.
وبالختام اعتقد بان الخلل الاكبر كان متعلق بعدم إعداد سيناريوهات مختلفة لمواجهة الأزمة وعدم تحديد الإجراءات اللازمة الإتباع لمواجهة التطور في الأمور الهامة والأساسية لنجاح خطة إدارة الأزمة، ويمثل السيناريو عرض لما يمكن أن يحدث من تطورات لأزمة معينة عن طريق التنبؤ واستخدام أسلوب الانطلاق والعصف الفكري. كما يفترض إعداد استراتيجيات تعمل في ضوء أفضل وأسوأ سيناريو وذلك لتحقيق الفائدة المرجوة من هذه السيناريوهات. إن وجود عدة سيناريوهات للأزمة يسهل عملية اتخاذ القرار أثناء ذروتها، وبما يتناسب مع الظروف الطارئة والامكانيات المتاحة لأجهزة الدولة.