المحكمة تقترب و"حزب الله" يزداد توتراً

اقترب موعد بدء المحاكمات في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري. ففي السادس عشر من كانون الثاني المقبل تنعقد اولى الجلسات مؤذنة ببدء محاكمة طال انتظارها اكثر من ثماني سنوات، ومن المؤكد انها ونسبة الى تعقيدات الملف وغزارة محتويات التحقيق الدولي ستأخذ وقتا قد يطول، لكن المهم هنا هو ان المحاكمات ستبدأ، بعد مسلسل طويل من العراقيل التي وضعت على طريق التحقيق اولا، والمحكمة ثانيا. فمن اليوم الاول لاغتيال رفيق الحريري ورفاقه بدأ المسلسل من مسرح الجريمة نفسه، وبأدوات النظام الامني المشترك السوري - اللبناني بتغطية سياسية لا جدال فيها. ثم استمرت العرقلة وان غير مباشرة مع لجنة التحقيق الدولية التي ترأسها اولا القاضي ديتليف ميليس وكان له الدور الاكبر والحاسم في بناء الملف والذهاب مباشرة الى "عنوان" عملية الاغتيال في لبنان وسوريا. وما من شك في ان القتلة على قوتهم وامكاناتهم الضخمة في نوع كهذا من الجرائم فوجئوا جدا عندما انبرى ضابط شاب من قوى الامن الداخلي متخصص في علم الاتصالات ليضيء بداية بمبادرة شخصية على اهمية حركة الاتصالات في تلك المرحلة، وعلى امكان ان تساهم في تقدم التحقيق بخطى جبارة. هذا الضابط الذي فهم اهمية الاتصالات في التحقيق وأطلع لجنة التحقيق الدولية على نتائج اولية لعملية تقاطع المعلومات في حركة الاتصالات وكانت مشجعة آنذاك، كان اسمه وسام عيد وعمل تحت قيادة رئيسه في فرع المعلومات آنذاك اللواء وسام الحسن، لكنه بعد وقت يسير ابلغ تحذيرات غير مباشرة من جهات امنية بارزة في "حزب الله" ثم اغتيل. كما جرت محاولة اغتيال فاشلة استهدفت نائب رئيس الفرع العقيد سمير شحادة الذي اصيب. واستمر ميليس في التحقيق ولولاه لما كانت لاحقا لا محكمة ولا محاكمات آتية.
على المستوى المخابراتي، لم تتوقف الحرب المفتوحة على التحقيق الدولي وعلى الجهاز الوحيد الذي عمل في الملف اي فرع المعلومات، في حين كان تحكم السوريين و"حزب الله" شبه التام بمخابرات الجيش عاملا حاسما في تحييدها وربما في قيام بعض ضباطها المخترقين من امن "حزب الله" والمخابرات السورية بما خدم عرقلة اعمال التحقيق الدولي والمحكمة. ولا شك في ان المعركة السياسية المفتوحة انطلقت بعد ساعات على اغتيال جبران تويني واعتكاف وزراء الثنائي الشيعي احتجاجا على مضي الحكومة في طلبها من مجلس الامن الدولي انشاء محكمة دولية. لن نسرد كل الوقائع وبعضها مسرحي كالحلقات التلفزيونية الثلاث التي خرج فيها الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله ليطرح فرضية تبرئ حزبه من الاغتيال، وبعضها الآخر كوميدي لناحية ضحالته ولشدة ما يظهر خلاله كم ان المحكمة الآتية مؤرقة للكثيرين بدءا من القتلة وصولا الى المنتفعين هنا وهناك في السياسة والمال على السواء.
إذاً المحكمة تقترب و"حزب الله" يزداد توترا ويشغل ماكينته الخاصة وماكينات اخرى في اطار معركة الرأي العام في البيئات الاخرى!
لا بأس، ان ما يهمنا نحن الان هو ما سيحصل في لاهاي ليس اكثر.
( النهار 2013-12-20 )