من يقف وراء عدم تمرير قانون مركز إدارة الأزمات
المركز الوطني للأمن وإدارة الأزمات هو المركز الوحيد في الشرق الأوسط والذي جاءت فكرة إنشاءه بعد أحداث الفنادق المؤلمة في العام 2005 تلك الأحداث التي تعاملت معها أجهزة الدولة تعاملا لم يرقى إلى مستوى الحدث فقد كان التعاطي معها تشوبه الكثير من الإرباكات وعدم التنسيق بالاعتماد على نظام الفزعة حيث تواجدت كل الأجهزة والمؤسسات المعنية بموقع الحدث بآلياتها وبعض المسئولين المهمين فيها في موقع الحدث أو بالقرب منه بشكل لافت مما قد يغري العناصر الإرهابية إلى توجيه ضربة أخرى تحقق فيها انجازاً اكبر ، أضف إلى ذلك تداخل الواجبات بين الأجهزة والمؤسسات وازدحام أعاق الحركة وعرقل جهود الإنقاذ وطمس بعض معالم الجريمة مما أخًر الكشف عن المجرمين بالإضافة إلى الاستنزاف الكبير لموارد الدولة فكل مؤسسة جاءت بمعداتها إلى موقع الحدث دونما التنسيق مع باقي المؤسسات فكانت الجلبة في الموقع كبيرة لدرجة أن بعض المعدات انتظرت في الموقع حتى النهاية انتظارا لدورها في المشاركة والذي لم يأتي .كما أن متخذ القرار كان تائها بين المؤسسات والأجهزة المختلفة حيث كان كل جهاز أو مؤسسة لديه وجهة نظر ومعلومات تختلف عن الآخرين وعندها بدأت ماراثونات السباقات من قبل المسؤولين باتجاه المصادر العليا لإثبات معلوماتهم مما أربك صانع القرار وأصبح في حيرة أي المعلومات يمكن الوثوق بها أو الارتكاز عليها؟، واقلق المواطنين خاصة أولئك الذين كان لهم أقرباء في موقع الحدث ولم تستطع أجهزة الدولة تطمين المواطنين بمعلومة صحيحة بوسائلها الإعلامية المختلفة والتي لم تتمكن من الوصول إلى المعلومة لتقديمها للمواطن الأردني الذي كان يتابع ما يجري في وطنه من خلال الفضائيات العربية والأجنبية.
لهذه الأسباب وغيرها كانت فكرة إنشاء المركز الوطني للأمن وإدارة الأزمات ليكون الحاضنة التي تجمع كافة مؤسسات الدولة وأجهزتها الأمنية المختلفة وكذلك المنظمات والهيئات الدولية على ارض المملكة تحت مظلة واحدة دونما أن يكون بديلا عنها.
وفي العام 2008 صدرت الإرادة الملكية لسمو الأمير علي بن الحسين لرئاسة وتأسيس المركز الوطني للأمن وإدارة الأزمات والذي انصاع للرغبة الملكية وشرع بالتنفيذ وقد اختار وقتها واحدا من رجالات القوات المسلحة المشهود له بالخبرة والكفاءة ليكون نائبا له ومن هنا انطلقت الخطى ثابتة لتحقيق الرؤى في إيجاد هيئة عليا لتنسيق جهود كافة مؤسسات الدولة بهدف جعلها تعمل وفق تناغم كامل وتنسيق تام واستغلال امثل لموارد الدولة في ظل معلومة دقيقة وفي التوقيت الملائم ، وبعد ذلك شُكلت هيئة ركن تمثل كافة الوزارات والمؤسسات الحكومية وغير الحكومية والأجهزة الأمنية وممثلين عن الهيئات الدولية العاملة على ارض المملكة لوضع الأطر وتحديد الواجبات والأهداف وانجاز الهيكل التنظيمي القادر على تحقيق أهداف المركز.
قام الجميع في المركز بمسابقة مع الزمن لممارسة الأدوار المطلوبة منهم وخطى المركز خطوات كبيرة باتجاه تحقيق الهدف الأسمى وكان نتاجها انجاز هذا المشروع وفق احدث النظريات في إدارة الأزمات على المستوى الوطني واقل ما يقال عن هذا المركز انه استطاع إجراء تمارين تحاكي في سيناريوهاتها التدخل للتخفيف من آثار أزمات إقليمية ومحلية شاركت فيها كل مؤسسات الدولة لاختبار الخطط الموضوعة لمواجهة الكوارث الطبيعية أو تلك التي تنجم عن فعل الإنسان ويكتفي المركز حاليا بتقديم المشورة لصناع القرار ويقترح التوصيات وبعض الحلول لتلافي أية أمور تؤثر على الأمن الوطني.
ومن منطلق أن لا سلطة من دون قانون لم ينخرط المركز في الإدارة الفعلية للأزمات وذلك لعدم القدرة على تمرير القانون الذي ينظم عمله بالتعاون والتنسيق مع مؤسسات الدولة المختلفة لتحديد المسؤوليات والواجبات هذا القانون الذي مع الأسف لم يجتاز المرحلة الأولى للتشريع على الرغم من صدور الإرادة الملكية بعرضه على مجلس النواب السادس عشر في دورته الاستثنائية عام 2011 إلا انه لم يصل إلى مجلس النواب حتى اليوم بعد أن تداعى الظلاميون وهواة ترسيخ ثقافة الفزعات والمرجفون الذين يعتقدون أن وجود المركز يزلزل أدوارهم الشخصية ليستبدلها بدور مؤسسي يعظم دور المؤسسة ويتجاوز الفردية فأعملوا كل أدواتهم لإفراغه من مضمونه وعملوا على تقزيمه ليصل الأمر به إلى مستوى قاماتهم وحالوا دون وصولة إلى غرفة التشريع في مجلس النواب وفقا للإرادة الملكية وهكذا بقي المركز على حاله يتابع ويراقب على الرغم من انه استطاع خلال فترة قصيرة من بناء قاعدة بيانات ضخمة يمكن الاعتماد عليها لإدارة أي أزمة وقد مرت هذه المرحلة بمخاض عسير ولكنها تحققت بإصرار القائمين على المركز بالتزامن مع انجاز البناء المؤلف من عدة طوابق تتوفر فيها كافة الخدمات اللوجستية والفنية وفق احدث المعايير وتقنيات حديثة في إدارة الأزمات كلفت مبالغ تخطت عشرات الملايين.
يحق لي كمواطن أن اتسائل هنا ما مصير مبالغ باهظة أنفقت لانجاز هذا الصرح الوطني والى متى يبقى المشرع بالانتظار لانجاز القانون وتفعيل دور المركز لممارسة مهامه الوطنية، وهل سيكون قدر كل المؤسسات الناجحة الحرب عليها لتصبح مشاريع فاشلة؟؟؟
من هنا أقول لكل الغيورين على الوطن أن في هذا المركز ما يستحق التوقف كوني سبق وان تشرفت بالخدمة في هذا المركز وقد أُنهيت خدماتي فيه وفي ظل العرف السائد القائل أن بعض من يغادر مؤسسته يقوم بكيل التهم إلى القائمين عليها وينعتهم بالفساد والخيانة العظمى لاستغنائهم عن خدماته كونه الأكثر إخلاصا لتلك المؤسسة فاعتقد أن شهادتي في هذا الصرح غير مجروحة وأنا خارجه ، فأعطوه حقه في الحياة وامنحوا وطنكم هيئة يمكن أن تأخذ به إلى مستوى أفضل وامنحوه الفرصة للمشاركة في خدمة الوطن.