لا فوز لأية قيادة تشارك في تحويل بلادها إلى ساحة حرب

تم نشره السبت 21st كانون الأوّل / ديسمبر 2013 01:39 صباحاً
لا فوز لأية قيادة تشارك في تحويل بلادها إلى ساحة حرب
راغدة درغام

توجد يافطة على الطريق من دبي الى أبو ظبي تنص على «أن مَن لا يؤمن بأن الفوز Winning هو كل شيء، لا يعرف دبي». الفوز، في هذا المعنى هو فوز دبي، بمساهمة مباشرة من أبو ظبي، باستضافة «اكسبو 2020» بعد منافسة حامية مع مدن مهمة من روسيا وتركيا والبرازيل. اتحاد دولة الإمارات العربية كله احتفى وافتخر وشعبه تطلّع الى حدث آتٍ بعد 7 سنوات بكل ايجابية نفسية واقتصادية. «أصبحنا شعباً سعيداً بسبب ايجابية قيادتنا»، قالت مواطنة اماراتية تباهت بتواضع بلادها وبرؤيوية قادتها، و «أحلامنا تتحقق». المسافة شاسعة جداً بين تحقيق احلام معظم أهل منطقة الخليج العرب وبين كوابيس تذعر أهل الشرق الأوسط في العراق وسورية ولبنان والأردن وفلسطين. ليس الفوز للجميع بالمعنى الذي قصدته يافطة دبي هو الذي يهيمن على معظم القيادات في هذه الدول وإنما هو الاستفراد بالفوز بمعنى الانتصار على حساب الآخر ضمن معادلة الانتصار والهزيمة. يقول البعض ان الرئيس السوري بشار الأسد انتصر و «لعِبَها بإتقان» بما أدى الى بقائه في السلطة وتشرذم المعارضة السورية على ايقاع «القاعدة» وأخواتها – المستورد منها والمحلي. واقع الأمر ان لا فوز ولا انتصار لأية قيادة تشارك في تحويل بلادها الى ساحة حرب على الإرهاب بالنيابة عن روسيا وأميركا وأوروبا وكذلك اسرائيل. لا فوز ولا انتصار لأي زعيم أو قائد يعتبر نفسه رابحاً فيما بلاده تتمزق وشعبه يتشرّد ويُقتَل ويَفقَر. تحوَّل «حزب الله» الى لاعب اقليمي بسبب مشاركته في القتال في أكثر من مكان – بالذات سورية – لا يجعل منه فائزاً طالما افعاله ترتهن أهل بلاده وطالما يجعل من الوطن أداة للآخرين وساحة استقطاب للتطرف وإرهاب «القاعدة» وأمثالها. قيادات الكوابيس لا علاقة لها بالقيادات التي تحقق الأحلام وتُسعِد شعوبها. القيادات الإسلامية صادرت الحريات والأحلام والثورات كما حدث في مصر وليبيا وتونس. القيادات العسكرية على وشك الانتحار إذا مضت بإجراءات قمعية تحجب حق التجمع والتظاهرات. أوكرانيا «لعبتها» جيداً ليس لأن انتماءها الآن الى الحظيرة الروسية سيأتي عليها بالحرية والرخاء بعدما ضخّت موسكو فيها الأموال وتسهيلات الغاز في صفقة أنقذتها من الإفلاس. فازت أوكرانيا لأن قيادتها فاوضت وحصلت على ما يُنقذ بلادها من الانهيار بدلاً من الركض وراء «الاتحاد الأوروبي» وهو يختال متغطرساً رافضاً المعونة، معتبراً أن مجرد فتح أبوابه نعمة للمدعوين الى دخوله. أما روسيا، فإن تحقيق قيادتها الفوز والانتصار تلو الآخر في ساحات الآخرين لم يأتِ عليها بالرضى من شعبها الذي يعاني من إفرازات فساد مستبد وحكم لا يسمح للآخر بالفوز بالحريات. الرئيس الأميركي باراك أوباما قرر ترك مفاتيح القيادة في كثير من بقع العالم للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، معتقداً أن انسحابه من الحروب والأماكن الساخنة سيضمن له سعادة شعبه به وهو ينصب على اصلاح الاقتصاد وفرض برنامجه للتأمين الصحي. لكن أوباما ما زال ينزلق في الاستطلاعات الأميركية ليس فقط بسبب عدم الرضى على سياساته وإنما لأنه وَعَد بقيادة مدهشة ونفّذ بسياسات أدنى اعتيادية من المعتاد. وما فعله بالقيادة الأميركية على الساحة الدولية حصد للولايات المتحدة الكثير من العدائية وخيبة الأمل وانحسار الثقة بها، فانزلقت القيادة الرؤيوية التي أوحى بها وانزلقت معها هيبة الرئاسة الأميركية على السواء.

مع اقتراب انتهاء العام 2013 يمضي عقد كامل على خلع أول الرؤساء العرب الذين اعتقدوا ان ديمومتهم غير قابلة للنقاش. صدّام حسين بطَشَ وكَابَر وانتهى في حفرة اذهلت القادة العرب. خلعه من السلطة أتى عبر قوات أميركية وإعدامه أتى على أيادٍ عراقية. حلمه كان الزعامة الإقليمية فأخذ شعبه الى الحروب وأفقره في بلاد الخير والموارد الطبيعية.

لكن وضع العراق ليس بخير عبر قيادته الجديدة، بل انه يفتقد التماسك وشعبه يتناحر وينقسم مذهبياً. صدام حسين وضع النظام قبل البلاد. رئيس الوزراء الحالي نوري المالكي يضع الولاء لإيران قبل الانتماء العربي الى العراق. الحرب الأميركية التي خاضها الرئيس السابق جورج دبليو بوش على الإرهاب في العراق قدّمت العراق الى ايران وحذفت العراق من المعادلة الاستراتيجية العربية – الإسرائيلية لمصلحة اسرائيل. شعب العراق ما زال يرقد تحت كابوس تلو الآخر بعدما محت قياداته حقه بالحلم والارتقاء والازدهار.

القيادة الإيرانية في ظل ملالي وثوار الجمهورية الإسلامية أيضاً حجبت عن شعبها متعة الحلم والرخاء. ومهما حصلت عليه من اعجاب بصبرها وإتقانها حنكة التفاوض والكلام المعسول، ان ايران اليوم مكبّلة بالعقوبات الاقتصادية. ايران أُعيدت عقوداً الى الوراء فيما كان في وسعها ان تكون متطوّرة ومنفتحة على العالم برخاء.

( الحياة 21/12/2013 )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات