الشراكة بين القطاعين

الشراكة بين القطاعين العام والخاص شعار رنان له وقع إيجابي ، يطلقه المسؤولون في الحكومة ودوائر الأعمال من وقت لآخر وكأنه يمثل الحل المنشود لجميع التحديات التي تواجه الاقتصاد الأردني.
يحمل هذا الشعار معاني متعددة يتمثل أحدها في مشروع قانون الشراكة الذي أريد له أن يحل محل قانون التخاصية الذي استنفد أغراضه وانتهت صلاحيته ، وخلاصته أن يقيم القطاع الخاص مشاريع تضمنها الحكومة وتغطي مخاطرها ، أو تلتزم بشراء خدماتها أو منتجاتها بأسعار محددة سلفاً تضمن أرباحأً للمستثمرين. اي أن المطلوب أن تلعب الحكومة وقطاعها العام دور المغفل ، فالأرباح للقطاع الخاص والمخاطر على الحكومة.
المعنى الثاني الذي يحمله هذا الشعار الرنان إقامة مشاريع مشتركة يأتي رأسمالها من القطاع العام والقطاع الخاص ، أي أن تكون الحكومة مساهماً كبيراً ، مما يوفر للمشروع رأسمال من المال العام وحماية جمركية وسعرية ، وإعفاءات كبيرة بحجة أنه من مشاريع الدولة التي تستحق الدعم.
ثالث معاني الشراكة بين القطاعين وأخطرها ما ورد على لسان رئيس غرفة تجارة الأردن وهو قيام مجلس مشترك يضم ممثلي الحكومة ورجال الأعمال والتجار ، لكي يأخذ قرارات ويواجه أزمات وتحديات ويحقق الاستقرار المطلوب في البيئة الاقتصادية. في هذا المجال نفهم أن يشكل رئيس الحكومة مجلساً اقتصادياً من الخبراء يجتمع بهم مرة على الأقل في الشهر ويعرض عليهم القضايا التي تواجه الحكومة ، ويستمع لآرائهم واجتهاداتهم غيرالملزمة ، ثم يقرر ما يراه مناسباً لأن المسؤولية الكاملة تقع على كاهله.
هذا ما كان يحدث بانتظام. وآخر مجلس استشاري كهذا شكـّله رئيس الوزراء الأسبق عبد الرؤوف الروابدة ولكنه صرف النظر عنه ولم يدعه إلى الاجتماع لأن جلالة الملك كان قد شكـّل في الوقت ذاته مجلساً مماثلاً في الديوان ، ولم يشأ الرئيس أن ينافس أو يكرر نفس الخطوة.
قلنا أن الطرح الأخير لمفهوم الشراكة بين القطاعين لا يخلو من الخطورة ، ذلك أن رئيس غرفة تجاره الأردن يفسر عمل الشراكة المنشودة بين القطاعين بأن يكون من خلال رسم السياسات الاقتصادية (أي مشاركة الحكومة في صلاحياتها) وسن وتشريع القوانين المتعلقة بالقطاع الخاص (أي مشاركة مجلس النواب في اختصاصاته) وإيجاد خطة استراتيجية لإدارة الأزمات (اي الحلول محل وزارة التخطيط ومؤسسات الدولة المتخصصة).
رجال الأعمال والتجار والمستثمرون يريدون الزحف على دور الدولة في إدارة الاقتصاد الوطني ، فهل جاء الوقت لفك الاشتباك بين القطاعين وقيام كل منهما بالدور الخاص به؟.
دعونا نترك الحكومة تحكم خدمة للمصلحة العامة ، والقطاع الخاص يعمل من أجل الربح ، فلا يجوز الجمع بين التجارة والإمارة.
( الرأي 2013-12-27 )