وزارة التربية والتعليم وامتحان الثانوية العامة
لجنة شؤون التربية والتدريب_ نقابة المعلمين الأردنيين
بشكل عام، فإن التخصصات المعروفة عالمياً للثانوية العامة هي: (العلمي، الأدبي، و المهني) و هي ما كان متبع في الأردن في الثمانينات من القرن الماضي. و لكن أصحاب القرار التربوي و هم بالمناسبة من (غير التربويين) في الأردن، هؤلاء يعشقون "الصرعات" الفاشلة تربوياً و المكلفة مادياً، أخذوا بالتغيير شمالاً و يميناً شرقاً و غرباً، فاخترعوا تخصص "التجاري" ثم قاموا بشطبه، ثم اخترعوا تخصص "البريدي" ثم قاموا بشطبه، و قد هداهم تفكيرهم العبقري الفذّ الذي لا مثيل له إلى استنباط ما يسمى بتخصص (الإدارة المعلوماتية - مسارين)، و كذلك تخصص (التمريضي) الذي تحول لاحقاً إلى (التعليم الصحي) و تخصص (الشرعي). و قد أثبتت الدراسات و التجارب و المشاهدات اليومية أن مخرجات هذه التخصصات في قمة الضعف، و كذلك انسحب الضعف ليشمل طلبة تخصصات العلمي و الأدبي. بالإضافة لذلك أسهمت تعليمات الثانوية العامة المستخدمة في القضاء على أي بارقة أمل مثل:( المسارات المتعددة، الغياب و الحضور، عدد جلسات الامتحان، الغش، الساعات المعتمدة، المقررات الاختياري و الإجباري، الدورات التكميلية، و الفرص الكثيرة للراسبين، و رفع المعدل للناجحين، و إعادة الإمتحان بعدد من المباحث الناجحة) و غيرها الكثير الكثير من التعليمات التي أدت إلى التقليل من هيبة التعليم في الأردن، فأنتج كل ذلك مخرجات تربوية ضعيفة جداً، انتقلت لتصبح مدخلات للجامعة، ثم عادت هذه المخرجات إلى المدارس على شكل معلمين و مدراء و مشرفين .
و حسب إحصائيات وزارة التربية و التعليم أن عدد الطلبة المشتركين في الدورة الشتوية لعام 2014 بلغ (170969) مشتركاً و مشتركة، توزعوا حسب فروع التعليم على النحو التالي: (39377) للفرع العلمي و(36897) للفرع الأدبي و(481) للفرع الشرعي و(64796) لفرع المعلوماتية و(2858) للفرع الصحي، فيما بلغ عدد الطلبة المشتركين في الإمتحان من الفروع المهنية (26560) مشتركاً و مشتركة. و المتفحص لهذه الإحصائيات يلاحظ بأن تخصص ثبت فشله مثل "الإدارة المعلوماتية" يستحوذ على نصيب الأسد من عدد الطلبة المشتركين في الثانوية العامة و ذلك بنسبة مئوية مقدارها (39%) يليه تخصص العلمي (23%) ثم الأدبي (21%) و الفروع المهنية (16%) و بقية الفروع لا تزيد عن (1%) من المجموع العام. المتفحص لهذه الأرقام لهذه السنة، و السنوات السابقة يدل على أن امتحان الثانوية العامة يتطور بشكل سرطاني خطير لصالح تخصص الإدارة المعلوماتية، و ذلك على حساب بقية التخصصات، و هذا نتاج تخطيط و سياسات فاشلة. و إذا بقيت الأمور على ما هي عليه حالياً، فان كافة التخصصات باستثناء الإدارة المعلوماتية على وشك الإندثار.
سابقاً - أقصد في الثمانينات - كان الطلبة المتميزون من الناحية الأكاديمية يتجهون للتعليم الأكاديمي بفرعيه (العلمي والأدبي) و البقية من الطلبة من أصحاب الميول العملية يتجهون للتعليم المهني بكافة فروعه، و كانت الأمور على أحسن ما يكون، و كان العنف الجامعي لغاية نهاية التسعينيات شبه معدوم في الجامعات. وكذلك العنف المجتمعي كان في أدنى درجاته.
إذن وزارة التربية والتعليم – و من ورائها من أصحاب المصالح- ساهمت بشكل أو بآخر في الفشل التربوي من خلال سياساتها الفردية، و الفاشلة، و إعجابها بالصرعات التربوية والإنتشار الجنوني للتخصصات في الثانوية و الإفتتان بالتغييرات السلبية.
آخر اعترافات وزارة التربية و التعليم بوجود أكثر من100 ألف طالب على مقاعد الدراسة في الصفوف الثلاثة الأولى لا يستطيعون قراءة الحروف العربية. و المخفي أعظم، كل هذا ناتج عن سياسات تربوية فردية، و مخططات فاشلة، و ارتجالية غير مدروسة، و الضحية بالدرجة الأولى هم التلاميذ مستقبل الأمة. الأمية ليست هي المعضلة الوحيدة، و لكن هناك الكثير من المعضلات التربوية التي انتشرت مؤخرا مثل: العنف المدرسي و الجامعي و المجتمعي، الأمية بأشكالها المختلفة (الأبجدية،العلمية،الثقافية،الدينية و الحضارية)، و الغش، التسرب، و التدخين ..... الخ.
إن فشل نظام المسارات، و تفشي الغش، و ارتفاع نسبة الأمية بكافة أشكالها، و انتشار العنف، و تقادم كافة التشريعات التربوية، مثل أسس التوزيع على الفروع الأكاديمية و المهنية، و أسس الإختبارات، و أسس القبول في الجامعات، و أسس وضع المناهج، كلها – حسب رأيي - بحاجة إلى تعديل جذري يشارك فيه أصحاب الخبرة و الدراية، كما يمكن أن يتضمن الحل لكافة المعضلات التربوية، الإستفادة من الحكمة الصينية القائمة على إلغاء وزارة التربية و التعليم، و الإكتفاء بمديريات التربية في المحافظات و الألوية لتسيير الأمور الإدارية و الفنية للتعليم. و تشكيل – بقانون- هيئة تربوية منتخبة من كوادر التربية و التعليم في المديريات و الجامعات، لها صلاحيات تربوية واسعة، و تخضع للمحاسبة و المساءلة، و من مهامها: وضع السياسات و التخطيط للمناهج و التعليم و الإدارة و كافة القضايا التربوية.