اغتيالُ شطح... واغتيال الدولة!

تم نشره الإثنين 30 كانون الأوّل / ديسمبر 2013 01:20 صباحاً
اغتيالُ شطح... واغتيال الدولة!
الياس الديري

اغتيال الوزير السابق الدكتور محمد شطح الدمث الخَلوق والذي لا يُرشق بوردة، وعند مفترق سياسي وتطورات بالغة الخطورة، هو في الوقت نفسه اغتيال للاعتدال والانفتاح والوعي والاستقامة، عدا كونه مُداناً ومُستنكراً لدى اللبنانيين وجميع الذين يعرفون الشهيد الجديد.

صحيح أن الدولة اللبنانية مغيّبة ومعطّلة، والمؤسّسات الدستورية شبه مُلغاة، وحبل الأمن فالت على غاربه، وروائح الفساد التي لا تختلف عن روائح الجيف تملأ الأجواء والشوارع والصالونات، هذا صحيح وقليل من كثير. إلاّ أن الدولة لا تزال موجودة برموزها الأساسية، معنويّاً أو صوريّاً على الأقل.

لا يزال رئيس الجمهورية يمارس صلاحياته في قصر بعبدا. والرئيس المكلّف تأليف الحكومة يواصل جهوده ويمارس مع نفسه صبراً قد يُضرب به المثل لاحقاً. أما الحكومة المستقيلة فستبقى في مناخ أو خيمة تصريف الأعمال إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً. ولا داعي هنا للتأكيد أن مجلس النواب سيبقى حاضراً ناضراً إلى أجل غير مسمّى.

هذا الوضع على هلهلته يشكّل حاجزاً معيقاً بالنسبة إلى أصحاب مشاريع الهيمنة والسيطرة، والذين ما فتئوا يتفكّرون كيف يفرطون هذه السيبة العجيبة. ولا ينجحون.

من هذا الباب، من هذه النافذة، من هذه الطاقة يمكن الدخول إلى أبعاد، وألغاز، وأهداف الحادث الإجرامي المريع الذي خطف من بين صفوف النخبة مرجعاً وديعاً في حقول الأرقام واستنباط وسائل التطوّر بعقل متنوّر.

فضلاً عن هذا كله، محمد شطح من طينة أولئك الذين من النادر أن يتكّرروا. فهو أحد عناوين الانفتاح، والتشبّث بالحرية والحوار والعيش المشترك، ولبنان النظام الديموقراطي البرلماني الذي صار نموذجاً نادراً في هذه المنطقة القاحلة، ومطلباً دائماً وثابتاً لخصوم النظام اللبناني، والصيغة اللبنانية، وتركيبة الثماني عشرة طائفة، والجغرافيا المقيمة بين فقش الموج ومرمى الثلج.

بديهي أن المجرمين والذين خلفهم يستهدفون في الدرجة الأولى شخص الدكتور شطح ودوره. لكن عدداً كبيراً من المعلّقين والمحلّلين والمستنكرين رأوا في الفاجعة الجديدة محاولة من جهات مستفيدة ومتربّصة لإيقاع الفتنة بين اللبنانيين والطوائف والفئات على اختلاف انتماءاتها...

وقد يكون الهدف المباشر إبقاء لبنان أسيراً في ساحة الصراعات، مغلول الأيدي، وبحيث يصير في الإمكان الانقضاض على ما تبقّى من بلد كان مثالاً ونموذجاً نادراً.

ولا يفوتنا أن اغتيال الوزير شطح هو رسالة في حدِّ ذاته. ولا شيء يمنع أن يكون كأوّل الغيث... قطرة.

استشهاده يحفِّز المسؤولين على الإقدام وتفعيل المؤسسات... أيّاً تكن الأثمان والتضحيات.

( النهار اللبنانية 2013-12-30 )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات