مستشفى البشير ..ازدحام ونقص كوادر ونظافة وخدمات سيئتان..والـ"كشفية" مرتفعة !
المدينة نيوز- صرخت أميرة 37عاما، بوجه محاسب قسم الطوارئ بمستشفى البشير، حين طلب منها كشفية طبيب ثلاثة دنانير وستين قرشا، رغم أنها أبرزت له بطاقة التامين الصحي الخاصة بها، غير ان المحاسب الذي كان يصطف على شباكه عدد كبير من المراجعين، اخبرها بان التعليمات الجديدة تقتضي دفع، بدل كشف طبي، ومختبر، وتصوير شعاعي، ان لم (تقيم) بحالة طارئة.
المراجعون المؤمنون استهجنوا القرار، حتى ان عددا منهم، عاد أدراجه دون تلقي العلاج، لأنه لا يحمل نقودا، فتعميم وزارة الصحة لأقسام الطوارئ جاء حديثا، ولا يعلم به كثير من المؤمنين، وفق ما ذكره عدد منهم.
المسؤولون في قسم الطوارئ وضعوا التعميم الذي صدر في (6 / 10 / 2009) على لوحة الإعلانات، وأكدوا بان هذه هي تعليمات مديرية التامين الصحي، وليس للمستشفى علاقة بذلك، في حين ان احد أطباء الطواريء الذي لم يكشف عن اسمه، قال: ان التعميم ليس حديث العهد ولكنه صادر في العام (2005) غير انه لم يفعل، منذ ذلك الوقت.
القرار أثار حفيظة المراجعين، الذين ذهب بعضهم الى إدارة المستشفى للتأكد منه، في حين استسلم البعض الأخر للقرار، ودفعوا المبالغ المالية المطلوبة، والتي تساوي الى حد كبير ما يتم دفعه في المستشفيات الخاصة.
وذكر عدد من المراجعين، بان القرار الجديد فيه إجحاف بحق المؤمنين صحيا، ويحملون بطاقات التامين الصحي، متسائلين، عن السبب الحقيقي وراء هذا الإجراء.
ووفق التعميم المشار إليه، فانه أعطى الصلاحية للطبيب المناوب في أقسام الطواريء لتحديد ما إذا كانت الحالة المرضية التي تراجع هذه الأقسام طارئة أم لا، بحيث أعفيت الحالات الطارئة من دفع نفقات العلاج، غير ان القرار لم يحدد ما هي الحالة الطارئة بالضبط، وفق احد أطباء الطوارئ.
مدير التامين الصحي التابع لوزارة الصحة الدكتور احمد البرماوي أكد بان التعميم المشار إليه، ليس على إطلاع به، غير انه أشار الى ان نظام التامين الصحي وتعليماته، التي نشرت بالجريدة الرسمية في العام (2004) بينت ان المؤمن صحيا الذي يتم تحويله من مركز صحي شامل الى أقسام الإسعاف والطوارئ يسقط التحويل، لأنه يعتبر حالة طارئة إذا شخصت بذلك.
وبين ان أقسام الطوارئ ليست عيادة للمراجعين، وإنما وجدت للتعامل مع الحالات الطارئة فقط، الا ان المراجعين، يلجأون الى تلك الأقسام خصوصا في ساعات ما بعد الدوام الرسمي، وتكون الحالات في معظمها ليست طارئة، وهذا فيه استنزاف للجهد الطبي البشري، وكذلك للمواد الطبية والأدوية المخصصة لتلك الأقسام.
ولفت الى ان المادة 15 من نظام التامين الصحي وجدت لتنظيم العمل، كما أنها نصت صراحة، على اعتماد الطبيب المناوب بتحديد ما إذا كانت الحالة طارئة أم لا، وعليه فان الحالات الطارئة لا يتقاضى منها بدل كشف طبي أو معالجة، أم التي لا تقيم حالات طارئة وغير محولة من مراكز صحية شاملة فانه تدفع القيمة وفقا للنظام.
وأشار البرماوي الى ان المادة 2 رقم 83 لسنة 2004 عرفت الحالة الطارئة، وهي الحالة المرضية التي تستدعي الإدخال الفوري للمريض، سواء كان مؤمنا تأمينا عاما أو خاصا أو غير مؤمن، لإيقاف الخطر، أو إزالته.
ونصت المادة 15 من النظام ذاته، بان يتحمل المقتدر (مثلي) أجور المعالج المؤمن، حيث يدفع المعالج المؤمن الذي لا تقيم حالته بالطارئة، دينارا وستين قرشا في ساعات الصباح، وثلاثة دنانير وستين قرشا في ساعات المساء، وسبعة دنانير لغير المؤمن.
وذكر الطبيب المناوب ان عدد الحالات التي تراجع طواريء البشير تراجعت بشكل ملموس بعد القرار، مشيرا الى ان 80 بالمئة، من المراجعين، ليسوا حالات طارئة، وان الطبيب المناوب، هو الذي يحدد ما إذا كانت الحالة طارئة أم لا.
وبين ان التعميم الجديد صدر في السابق، وطبق فترة وجيزة، ثم ما لبث ان أوقف العمل بموجبه، غير انه عاد ليفعل من جديد، وفقا لتعميم وزارة الصحة، مديرية التامين الصحي.
تدني مستوى الخدمات والنظافة
ويرى عدد من المراجعين ان مستوى النظافة، والعناية الطبية، وسرعة الإجراءات، دون المستوى المطلوب، حيث يعمد عمال النظافة، القيام بعمليات شطف الممرات أثناء الدوام الرسمي، مثيرين بذلك حالة من الفوضى، فضلا عن خطر الانزلاق على أرضيات مبتلة بالصابون.
أما المرافق العامة، فهي تشكل مكرهة صحية، وهدرا واضحا في المياه التي تتسرب من صنابير مهترئة، ومعطلة، كما ان مجاري الصرف الصحي، مغلقة كذلك، وفق ما أشار إليه احد المرضى.
وفي هذا الصدد، تقول نجاة، التي راجعت قسم الجراحة تعاني من الم شديد في خاصرتها، لقد عانيت كثيرا لكي أجد حماما نظيفا من اجل عينة من البول، لدرجة أنها بحثت خارج قسم الطوارئ عن مكان تقضي حاجتها فيه.
ولم تشفع لنجاة صرخاتها التي دوت في قسم إسعاف الجراحة معاناة شديدة، حين جاءتها الممرضة لتأخذ منها عينة من الدم، فقد وضعت لها الإبرة في مكان غير صحيح، ما أثار انتباه الممرضين والمراجعين، الذين ذهبوا لسريرها لتقصي الموضوع، الأمر الذي دفع بعدد من المرضين اخذ عينة من دم المريضة بصورة صحيحة، عازين الخطأ ليس ضعفا في أداء زميلتهم الممرضة، وإنما بسبب الإجهاد والإرهاق.
ورغم معاناة المريضة نجاة، الا أنها أصيبت بالدهشة والاستغراب، حين طلب منها التوجه الى شباك المحاسبة، لتدفع بدل خدمات العلاج والأشعة ما قيمته سبعة دنانير ونصف، رغم أنها مؤمنة بمستوى الدرجة الثانية.
وفي ردهات القسم يشاهد طابور كبير على شباك المحاسبة، الذي يعمل عليه محاسب واحد، حيث يصطف الرجال والنساء كل على حده بانتظار الدور الذي قد يستغرق من المريض اكثر من ساعة.
احد المسعفين المرافقين لشخص يعاني من نزف شرياني صرخ بوجه المحاسب، لكي يسرع في تحرير (إيصال) أجور الكشف، كي يتلقى مريضه العلاج بعد انتظار مرير.
المسؤولون في قسم الطواريء، أشاروا الى ان ثمة خللا في بعض المرافق، وإنهم بصدد إجراء عمليات صيانة لها، ولفت احد الممرضين ان جميع الحمامات بحالة سيئة، كما ان ثمة نقصا في الكوادر التمريضية والطبية.
عدنان كحالة، اتهم الطبيب المناوب بالمزاجية في تشخيص الحالة، طارئة ام غير طارئة، غير ان احد الأطباء يرى بان التعميم الجديد فيه اجحاف بحق عدد من المؤمنين الذين يصنفون بحالات غير طارئة، داعيا الى إعادة النظر بالقرار وإيجاد آليات مناسبة لتنظيم العمل.
أما قسم الطوارئ في مستشفى الأمير حمزة، فانه أفضل حالا من البشير، غير انه لا يستقبل الحالات غير المحولة من المراكز الصحية الشاملة، والحالات غير المحولة تدفع أجور العلاج، وفق التعميم المشار إليه، ويشهد ال مستشفى طوابير من حالات الاشتباه بأنفلونزا الخنازير، الذين يضعون على أفواههم كمامات، ما يشعر المراجع بحالة من الخوف ليعدل عن دخول القسم.