ابن صالح.. زوج ليس تماما

تم نشره الأحد 05 كانون الثّاني / يناير 2014 01:27 صباحاً
ابن صالح.. زوج ليس تماما
سمير عطا الله

أواخر السبعينات وأوائل الثمانينات كنت أذهب إلى الغداء مع غسان تويني في مطعم قرب سكن السفير اللبناني لدى الأمم المتحدة. دائما، تقريبا، كنا نرى في ركن من المطعم غير المزدحم، الممثل الكوميدي وودي ألان مع والدته، النحيلة مثله. وكنا نعجب به ابنا وفيا، رغم شهرته وماله.

بعد نحو عقد سافرت إلى نيويورك وكانت صحفها تمتلئ كل يوم بدعوى الطلاق التي أقامتها زوجته، ميا فارو، مطالبة بحضانة أبنائهما الثلاثة. إنه رجل يفتقر تماما إلى «شروط الأبوة» للأسباب التالية: لا يعرف اسم واحد من رفاق أبنائه، لم يأخذ الأولاد مرة واحدة إلى الحلاق أو ساعدهم على الاستحمام، لا يعرف إلى أي طبيب أسنان يذهبون، ولم يحضر مرة «اجتماع الأهل» في المدرسة.

إذن، من ظننته يوما ابنا صالحا هو أب سيئ. لم أكتشف ذلك فقط، بل اكتشفت أن ثلاثة من الشكاوى تنطبق عليّ، فيما عدا طبيب الأسنان، لأنه طبيبنا أيضا. لكن الشروط المطلوبة في الأب الأميركي ليست إلزامية في الأب العربي: مساعدة الأطفال على الاستحمام وحضور اجتماعات الأهل في المدرسة وغيرها. ومع هذا فأنا أعتبر نفسي أبا محبا. وأبا عاطفيا أيضا. وفيما يتعلق بأمي كنت ابنا عاطفيا أيضا، لكن أي رجل شرقي يعتبر إظهار العاطفة ضعفا يجب أن يخفى عن الأبناء.

أين هو الحل الوسط؟ أو بالأحرى هل هناك في التربية حل وسط؟ انضمت ابنتي إلى شقيقها وإليّ، في هذه الهواية التي لا تتحول إلى مهنة. تخرجت في الجامعة في اختصاص فني، ثم اكتشفت أن رغبتها الحقيقية ليست الرسم والنحت على طريقة الأم وإنما الكتابة.

ذات يوم قالت ضاحكة: احزر ما الموضوع الذي اقترحته علينا الجامعة اليوم: أن نصف مشاعرنا حيال الأشياء عندما ننتقل من مكان إلى آخر. وضحكت. لقد نقل هذا الأب بعائلته أمكنة وبلدانا كثيرة. شعرت بالخجل وبالندم أيضا.. لكن ابنتي طرحت الفكرة على أنها موضوع أدبي لا قضية عائلية. اختارت أن تعبر عن حالة حياتية بطريق النكتة لا بطريق الشكوى. ومع ذلك شعرت بتأنيب ضمير. من يكون غجري الطبع عليه أن يتعلم كيف يستقر عندما يصبح أبا. الحمد لله أن زوجتي أم شرقية، تصبر وتتحمل، وأن ابنتي ما كانت لتذكر الأمر لولا الحديث عن المسابقة الأدبية.

( الشرق الأوسط 2014-01-05 )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات