الحكومة ورقصة النار والهنود الحمر!

لا يجوز في أي حال من الأحوال، ولا لأي سبب من الأسباب، الاستمرار في رقصة النار التي كان الهنود الحمر يمارسونها قبل انطلاقهم الى ساحات الوغى، وإبقاء البلد عرضة للفراغ والمخاطر من أربع رياح الأرض.
كما لا يجوز، ولا يحق لفئة إبقاء البلد المعني، أي لبنان الذي كان قطعة سماء، رهن التفجيرات والتفخيخات والعمليات الانتحارية... ولا حكومة له تسأم.
هذه المبالغة، في تسطير المطالب والشروط ستفرط كلها جميعها إذا ما بقيت الحكومة كحصرم رأيته في حلب.
نحور حول التسعة تسعة ستة، ثم ندور في فلك الثلاث ثمانات... لننتقل في الوقت نفسه بين "السياسية" و"الحيادية" فـ"الجامعة"، فـ"المستقلة" فـ"حكومة الأمر الواقع" التي تعتبر كآخر الدواء. أي الكيّ.
لا نخترع البارود، ولا براميله، ولا مشتقّاته الكيميائية، ولا أخوات كان وإن وليت ولعلّ، حين نصارح أنفسنا ونصارح الآخرين من أصحاب النفوذ والبأس والبطش والهمدرة والزمجرة، بأن مسألة الحكومة وتأليفها ومنحها الثقة تتقدّم حتماً كل ما عداها من مسائل وأمور ملحة، على وفرتها وأهمّيتها وخطورتها المزدوجة:
أي تشابك الداخل الطوائفي المذهبي مع الخارج القريب جداً والبعيد قليلاً، والمتمثّل مبدئياً بالدور السوري عبر الحدود، ثم الدور الإيراني الذي لا يحتاج إلى تفسيرات وتحليلات.
فكلاهما في غنى عن أي شرح يطول أو يقصر.
ناهيك بالدور القاطع البحار السبعة، والممتدّ من واشنطن فالعواصم الغربيّة، بلوغاً موسكو فدول الشرق الأقصى.
من تحصيل الحاصل القول والاعلان بالفم الملآن ان عدم تأليف حكومة جديدة برئاسة تمام سلام خلال أيام معدودة، من شأنه تحويل الأزمة كجلمود صخر حطّه السيل من عل، وحطّ كل المتعنترين والمتعنطزين في زاوية، بل في مأزق.
فبالحكومة الجديدة وحدها، وحدها بكل ما للكلمة من معنى، قد يتمكّن لبنان، الممزّق كثوب مهترئ وبال، من اجتياز امتحان حروب الارهاب بألوانه وأنواعه المرعبة، والنفاد بريشه، أو ما تبقّى منه ومن ريشه... وتجنّب "هدايا" الصواريخ والبراميل.
لم يَفْرَغ البلد الصغير، الذي لا يختلف عن حصرم حلب في عين إسرائيل، من ذوي الألباب والهمة والغيرة. ولا يزال في احتياطه العديد من الرجال الكبار والقادة، والحكماء، واولئك الذين لا يبيعون الوطن بمن فيه بمنصب من خشب او من تنك.
صحيح ان واشنطن شنّفت آذان اللبنانيين ومشاعرهم بدعوتها مواطنيها الأميركيين إلى عدم التوجه إلى بلد البارود والنار، إلا انه ليس من الضروري أن يعني ذلك ان لبنان سائرٌ ومسرعٌ في اتجاه الهاوية. كما ليس من الضروري أن نضحك على حالنا ونقول إن كل شيء عندنا على ما يرام ويأخذ العقل.
( النهار اللبنانية 2014-01-09 )