حقائق ولكنها انتقائية

تم نشره الجمعة 10 كانون الثّاني / يناير 2014 12:53 صباحاً
حقائق ولكنها انتقائية
د. فهد الفانك

ليس هناك حقيقة مطلقة، فالحقائق نسبية ومتحولة، وكل حقيقة لها وجهان أو أكثر، مما يعطي صاحب الرأي فرصة انتقاء الحقائق التي تخدم غرضه وتلبي انحيازاته، فالحياد المطلق خرافة.

تقييم الأوضاع الاقتصادية مثلاً ينطلق في جميع الحالات من قاعدة الانتقاء، فهناك مؤشرات إيجابية تدل على أن الاقتصاد بخير، وهناك مؤشرات سلبية تنذر بمخاطر قادمة.

ينتقي البعض الجانب الإيجابي، فيتهم بأنه يمالئ الحكومة، مع أن ما يقوله صحيح، ويمثل حقائق ثابتة ولكن ليس كل الحقائق. وهناك في المقابل من يختار الجانب السلبي، ويتهم بأنه معارض أو عدمي أو متشائم، مع أن ما يقوله صحيح أيضاُ، ويمثل حقائق، ولكن ليس كل الحقائق ولا شيء غير الحقائق.

ما ينطبق على الاقتصاد ينطبق على السياسة وعلى جميع مناحي الحياة الاجتماعية. يكفي أن نشاهد واقعة معينة على شاشة التلفزيون مثل مثول الرئيس المعزول محمد مرسي أمام محكمة الجنايات، حيث تتم تغطية الحدث بشكل انتقائي يدل على موقف المعلق أكثر مما يدل على سلوك المتهم، فيرى فيه البعض عزة وكرامة، ويرى فيه البعض الآخر ذلاً ومهانة.

ليس غريباً والحالة هذه أن يقع الصحفي في حالات تناقض من وقت لآخر مع أنه لم يجانب الحقيقة، ولكنه انتقى الإيجابيات عندما كان الحوار يتطلب ذلك، وانتقى السلبيات عندما كان النقاش يتطلب ذلك.

يبدو هذه واضحاً عندما تقرأ مقالاً يحمل آراء حادة معينة، ثم تقرأ الرد عليه في اليوم التالي، فتحتار في تحديد من هو المصيب الذي كسب الحوار، ومن هو المخطئ الذي خسره. فأدلة كل منهما صحيحة وموثقة.

في التعليق على سلوك الحكومة مثلاً تجد وجهين لحقيقة واحدة، وأكثر من ذلك تجد الرأيين الإيجابي والسلبي ينطلقان من نفس الاحداث والوقائع وربما الأرقام، فيقدمها البعض على أنها إنجاز وجرأة وخدمة للمصلحة العامة، ويقدمها البعض الآخر على أنها عناد وإساءة للمصالح العامة.

الانتقاء ليس ظاهرة معيبة يجب أن نتخلص منها، بل وصف لواقع، فالإعلام انتقائي بطبعه، وليس ادل على ذلك من المعالجات التي نقرأها يومياً في التعليق على أحداث سوريا، فهذا يتحدث عن نظام مستبد يقتل شعبه، وذاك يتحدث عن منظمات إرهابية مسلحة تدمر الدولة السورية.

القارئ أو المشاهد لا يخلو بدوره من الانحياز، فلا غرابة إذا كان يحب أن يقرأ ويشاهد كل ما يؤيد وجهة نظره، وأن يدين ويقاطع ما لا ينسجم مع قناعاته.

إذا كان الحياد مستحيلاً فماذا عن قدر من التوازن.

( الرأي 2014-01-10 )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات