ألعُقاب والقطة
بينما كنت ذات يوم جالسا ً في الحديقة في حالة إسترخاء وإستجمام، معرضا ً جسدي لأشعة الشمس الدافئة بعد أيام من البرد والصقيع، حضر أحد أصدقائي مهللا ً:
- "أحضرت لك معي ما كنت تبحث عنه طويلا ً" !!!
+ "أكيد كتيب تفسير الأحلام" !؟
- "وكيف عرفت ذلك" ؟؟؟
+ "لأن هذا ما كنت أبحث عنه فعلا ً" !!!
- "إذاً ... إستمتع بقراءته إلى حين أن أعود عليك
بأحلامي" ... وإنصرف ...
رحت أتصفح الكتيب بكل شغف ونهم وأقلب صفحة تلوى الاُُخرى، وما كدت أصل إلى حد معين من القراءة، حتى شعرت فجأة بشيء ما يحجب عني ضوء النهار وكأنه خسوف الشمس، لدرجة أنني لم أستطع متابعة القراءة. نظرت إلى الأعلى لأتبين السبب فشاهدت لدهشتي طائرا ً ضخما ً، أسود اللون، يرفرف فوق رأسي. ذعرت جدا ً وسمعت إثر ذلك ضجيجا ً وأصواتا ً عالية تطالب بقتل هذا الطير المُسمى بالعُقاب لأنه شرير وينقض على دواجن المزارعين. حاولت إقناعهم بأن هذا الطير لا ينقض على دواجنهم لأنه شرير، بل لأنها غريزة الحياة وحب البقاء ما يجعله من الطيور الجارحة، تماما ً مثل الأسد الذي يطارد فرائسه من الغزلان وغيرها في الغابة أو الحيتان التي تلتهم الأسماك في البحار أو الإنسان الذي يأكل الخراف طلبا ً في البقاء على قيد الحياة وهكذا ... ولكنهم لم يقتنعوا بجدوى ما رويت لهم فتابعوا مطاردة هذا الطائر المسكين حتى نالوا منه، فغدا كسير الجناح وسقط
على إحدى الأشجار العالية.
حز في نفسي وآلمني ما رأيت وهرعت أتسلق تلك الشجرة لنجدة العُقاب الجريح من بطش المزارعين ومن براثن قطة كانت أسرع مني في تسلق تلك الشجرة. وعندما وصلت إليه، رأيته يصارع الموت. ولكنني ما أن إحتضنته، حتى تحوّل بين يديّ إلى شاب سليم ووسيم الطلعة، جميل الهندام، فجفلت وكدت أسقط من أعالي الشجرة.
سألته بعد أن تمالكت نفسي:
+ "من أنت" ؟؟؟
أجاب واثقا ً من نفسه:
* "ألأمير فارس يا سيدي" !!!
وعدت أسأله وأنا لا زلت مذهولا ً:
+ "وكيف تحوّلت إلى عُقاب ... ومن هوذا الذي
سحرك" ؟؟؟
أجاب:
* "إنها قصة طويلة يا سيدي ... سأرويها لك فيما بعد
إن شاء الله" !!!
نزلت مع الأمير فارس من أعالي الشجرة والقطة لا تزال تطاردنا. وعندما وطأت أقدامنا سطح الأرض، سمعت من ينادي "فارس ... فارس ...". نظرت صوب الصوت ولم اُصدق ما رأيت ... شاهدت القطة وهي تتحوّل رويدا ً رويدا ً إلى فتاة في منتهى الجمال، شعرها ذهبي اللون، عيناها زرقاوان، ترتدي ثوبا ً ناصع البياض وكل أزراره من الذهب الخالص.
سألتها بإستغراب:
+ "ومن أنت" ؟؟؟
أجابت واثقة من نفسها:
* "ألأميرة اُمنية يا سيدي" !!!
وعدت أسألها وقد زاد ذهولي:
+ "وكيف تحوّلت إلى قطة ومن هوذا الذي سحرك" ؟؟؟
أجابت:
* "إنها قصة طويلة يا سيدي ... سأرويها لك فيما بعد
إن شاء الله" !!!
ومن ثم سألتها:
+ "وما علاقتكما ببعض" ؟؟؟
ردت ألأميرة:
* "إنه فارس أحلامي يا سيدي" !!!
وقال الأمير:
* "نعم ... إنها اُمنيتي يا سيدي" !!!
وعدت أسألهما:
+ "ولماذا تلقباني بِ يا سيدي" ؟؟؟
أجابا بصوت واحد:
* لأنك قمت بفك السحر اللعين عنا" !!!
ومن ثم أمسك بيدها ليبتعد بها ...
قلت لهما:
+ "مهلا ً ... مهلا ً ... ألا تريدان إخباري عن قصة
تحوّلكما إلى عُقاب وقطة وكيف قمت أنا بفك
السحر عنكما؟؟؟
قالا بصوت واحد:
* "ليس الآن يا سيدنا ... سنرويها لك فيما بعد إن
شاء الله، فنحن في عجلة من أمرنا ... علينا
العودة إلى القصر بأسرع وقت لإتمام مراسم
الزفاف ... فالجميع بإنتظارنا" !!!
وما أن طبعا على وجنتيّ قبلة الشكر والوداع وإختفيا عن ناظري بسرعة البرق، حتى جاءت إبنتي الصغيرة تقبلني هي الاُخرى قائلة:
* "هيا بنا يا بابا ... إنهض ... اُريد أن تأخذني في
مشوار كما وعدتني" !!!
قلت لها:
+ "حسنا ً يا بُنيّتي ... سآخذك في أحلى مشاوير ألف
ليلة وليلة" ...
ورحت أقص عليها ما حلمت به لتوي ...