الصراحة ضرورية مع موسكو قبل «جنيف 2»

تم نشره الثلاثاء 14 كانون الثّاني / يناير 2014 01:46 صباحاً
الصراحة ضرورية مع موسكو قبل «جنيف 2»
الياس حرفوش

الكلام الذي يجب أن يقال بصراحة لموسكو، فيما تجري الاستعدادات لعقد مؤتمر «جنيف 2» سعياً وراء تسوية النزاع السوري، هو الكلام الذي يجب ان تسمعه من الدول التي ستشارك معها في اعمال هذا المؤتمر. يجب ان يقال لموسكو ان دعمها لنظام بشار الأسد هو الذي يعطل بشكل اساسي فرصة نجاح هذا المؤتمر. لماذا؟ لأن هذا الموقف هو الذي يستقوي به الأسد ليتجرأ على الاعلان بوقاحة عن نيته الترشح مجدداً للرئاسة، من دون ان يرفّ له جفن أمام عشرات آلاف القتلى الذين سقطوا على يد «شبيحته» ورجال أمنه، والميليشيات التي جلبها من خارج الحدود لتساعده على قتل السوريين. كما ان الموقف الروسي هو الذي يدفع نظام الأسد الى الادعاء ان السوريين هم الذين يجب ان يقرروا مصيرهم بحرية، بعيداً من التدخلات الخارجية، وكأن السوريين هم الذين قرروا مصيرهم بحرية عندما تم تصعيد بشار الأسد الى قصر المهاجرين عام 2000، كما انهم قرروا مصيرهم ايضاً عندما استولى والد بشار على الحكم عام 1970.

وفوق ذلك جاء التفسير الخاص والملتبس الذي تبنّته موسكو للبيان الذي صدر عن مؤتمر «جنيف 1» في آخر حزيران (يونيو) 2012 ليدفع النظام السوري الى المراوغة حيال بند نقل السلطة الى «هيئة حكم انتقالية كاملة الصلاحية». وكأن نصاً بهذا الوضوح يحتاج الى إعادة تفسير، ليُفهم منه ان المقصود هو رفع يد الأسد عن السلطة خلال الفترة الانتقالية، تمهيداً لللتوافق على هيئة تشارك فيها وجوه مقبولة من الحكم الحالي، تطمئن الطائفة العلوية واتباع النظام، لكنها لا تكون في الوقت ذاته وجوهاً مستفزّة لأكثرية السوريين، الذين دفعوا من ارواحهم ومن عمران بلدهم واقتصاده ثمناً كبيراً للتخلص من الحكم الحالي.

لسنا ندري خلفية المداولات والنقاشات التي جرت في باريس امس بين وزيري خارجية الولايات المتحدة وروسيا، جون كيري وسيرغي لافروف. ولكن الواقع يقتضي القول ان الشرط الذي يدفع الاميركيين الى استبعاد ايران عن اعمال «جنيف 2» (أي عدم موافقتها على بنود بيان جنيف 1) هو الذي يجب ان ينطبق على موسكو ايضاً. صحيح ان الروس شاركوا في ذلك المؤتمر، كما شاركوا ووافقوا على البيان النهائي الذي صدر عنه. ولكن، ماذا تعني هذه المشاركة والموافقة اذا كانوا قد تراجعوا بعد ذلك عن الشرط الاهم الذي تضمنه ذلك البيان، والذي من دون تحقيقه لا يمكن تصور أي حل للحرب المفتوحة في سورية؟

تدّعي موسكو، وتوافقها ادارة اوباما ضمناً، ان دخول العناصر التكفيرية والمتطرفة على خط الحرب الدائرة في سورية، يجعل خيار بقاء بشار الأسد في الحكم بمثابة «أهون الشرّين». وفي الوقت الذي تدرك القيادة الروسية حقيقة السياسة التي اعتمدها نظام الأسد منذ بداية الأزمة لرفع وتيرة القتل الجماعي ودفع المعارضين السوريين الى حضن المتطرفين، ولو لغرض حماية ارواحهم وممتلكاتهم، بعدما تخلّى المجتمع الدولي عن دعم «الجيش السوري الحر» الذي كان يخوض المواجهات في تلك الفترة، بينما تدرك القيادة الروسية ذلك، لأنها شريكة في مخطط النظام السوري، فان واشنطن بموقفها المهادن تكون قد وقعت في الفخ الذي نصبه النظام للقوى الخارجية الساعية الى حل، وذلك بوضعها امام خيارين: إما أنا أو «داعش» والنصرة».

حقيقة الامر ان تخلي العالم عن دعم ثورة السوريين على نظامهم الجائر، والانحياز السافر الذي اظهرته موسكو (صديقة الشعوب!) الى جانب نظام بشار الأسد، هما اللذان يغذيان اليوم نبتة الارهاب والتطرف التي كانت غريبة عن الثورة السورية عند اندلاعها قبل ما يقارب ثلاث سنوات.

وحقيقة الامر ايضاً انه طالما ان موقف موسكو على حاله من دعمها لبقاء بشار الأسد في السلطة، فلا أمل يرجى من «جنيف 2» او أي جنيف آخر. فهذه العقدة هي التي تحتاج الى حل، ان لم يكن سياسياً فبالقوة المسلحة، سواء اليوم او بعد مئة عام.

( الحياة اللندنية 2014-01-14 )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات