عندك واسطة ؟
ما عندك واسطة؟" سؤال يدور في ذهن الناس وخصوصاً خريجي الجامعات، وهم يتطلعون للمستقبل المشرق بتفاؤل وأمل كبير ليصطدموا بعد ذلك بالواقع المرير عند توجههم إلى سوق العمل.
حتى اصبح اي أمر في حياتنا لا يمشي اذا لم يكون هنالك الواسطه. مما صعب الامر على جميع الباحثين, من ايجاد اي دراسة عن حجم نفاذ الواسطة في حياتنا اليومية وشؤونها , ولكن المتأكد منه أننا جميعا احتجنا الواسطة.
لا يوجد مواطن عادي وغير عادي لم يحتج لهذه الواسطة, من مقعد دراسي بجامعة , أو بحث عن موعد مبكر بمستشفى ناهيك عن سرير لمريض , أو من يبتعث ابنك أو ابنتك إلى خارج المملكة للدراسة , إلى رخصة السير , إلى إلغاء مخالفات مرورية , أو من يعجل لك تركيب عداد كهرباء أو مياه, إلى البلديات وما أدراك ما البلديات, وزارة العمل والبحث عن عمالة وتصاريح.
أصبحت الواسطة والبحث عنها هي الأساس ؟ لماذا لا أحصل على حقوقي كمواطن من هذا الوطن كحق مشروع أكتسبة من خلال هويتي الوطنية , لماذا أحتاج واسطة في الجامعة والمستشفى والبلدية والوزارة أيا كانت ؟ لماذا أستشرى التسول والأستجداء للمسؤول وهو لا يقدم شئ أساسا لأنها حق من حقوقك التامة والأساسية , لماذا أستشرت الواسطة لدينا لكي أقفز على الآخر قد أكون سبقته لأني أملك علاقة ومصالح مع آخر ومن ينتظر سينتظر ويطول انتظاره ؟
الواسطة في عامتها سلبية جدا وأضع تصنيفا لها أنها بسبب غياب الحقوق والتنظيم والقانون والعدل , وأيضا لأن الخدمات التي تقدم من الدولة ناقصة و غير مكتملة , لأنه لو توفر السرير بالمستشفى لما احتجنا لواسطة ولكنه نادر , ولأنه لو توفر مقعد بالجامعة لما احتجنا لواسطة , ولأنه لو توفر النظام والعمل الإداري الجيد والمنظم والمراقب والذي يحاسب ويسأل لما لجأنا للواسطة في البلديات والجهات الحكومية لدرجة حتى الهويه الشخصية تحتاج واسطة .
أصبحنا نقدم البحث عن الواسطة على أن النظام سيحميك وأن المخطئ أو المقصر سيحاسب , المقصر والذي لا يعمل لا يجد أي مشكلة في تأجيل العمل أو تأخيره أو تقديم مصالح خاصة على عامة , إذا هي فساد إداري لا يحمي حقوق المواطن المشروعة , فغياب العقوبات والنظام والمحاسبة والإدارة الجيدة المتابعة أوجد هذا النوع من الواسطات التي أصبحت الآن تقودها مصالح , وهنا نفتح أبواباً لا تغلق , والأثر السلبي هنا كبير وعواقبه وخيمة جدا , ينتج عنها هدر مال العام الحكومي , تمييز بين الحقوق , أثر أجتماعي سيئ وسلبي , أثر أقتصادي كبير يعطل مصالح ويؤخر استثمار .
لم أجد مكانا في العالم يستخدم عبارة ( عندك واسطة ...) إلا في بلادنا , فهل هم لا يعملون وينجزون واجبهم وهم لا يتفضلون على المواطن بل الدولة تدفع راوتب ولديها تشريعات وأنظمة , لكن من سمح ؟ من وافق ؟ من حاسب ؟ من سأل ؟ من رسخ هذا المفهوم " عندك واسطة ..." وكثيرون يسألني شخصيا عندك واسطة في ...؟ وأشعر كل مرة معها بإحباط كبير لماذا وصلنا لهذه المرحلة وهو حق من حقوقك... ؟ لا أعرف...