من المسؤول عن مأساة مخيم اليرموك؟

تم نشره السبت 18 كانون الثّاني / يناير 2014 12:29 صباحاً
من المسؤول عن مأساة مخيم اليرموك؟
ياسر الزعاترة

بينما كانت أصوات الندب تتعالى من قبل أبواق السلطة، وتتهم فصائل الثوار بمنع قوافل الإغاثة من دخول مخيم اليرموك، فاجأهم نظام دمشق يوم الخميس بدك المخيم بالبراميل المتفجرة، فقتل تسعة وجرح العشرات، الأمر الذي استفز أهالي المخيم، فكان أن توجهوا نحو أحد حواجز النظام، فرد عليهم بالرصاص وردهم إلى داخل المخيم.

لا حاجة لإيراد الكثير حول معاناة المخيم، فالتقارير تتوالى يوميا، ويكفي أن يموت أناس بسبب نقص الغذاء والدواء حتى يعلم الكون حقيقة المعاناة التي يعيشها المخيم وأهله.

على أن السؤال الأهم هو ذلك الذي تطرحه حملات الندب إياها، والتي تحيل معاناة المخيم إلى فصائل الثوار. وهنا يحق لنا أن نسأل سؤالا بريئا وبسيطا. نسأله لسادة المقاومة والممانعة، بمن فيهم فصائل تعمل تحت إمرة النظام، ونسأله لسادة الانبطاح من جماعة السلطة الذين باتوا منحازين لممانعة بشار!! لاسيما بعد أن سلّم سلاحه الكيماوي لأجل الاحتفاظ برأسه، تماما كما يحافظون همْ على أمن الاحتلال من أجل أن يحصل أبناؤهم على فرص الاستثمار وبطاقات الفي آي بي، نسأل هؤلاء جميعا السؤال التالي: لنفترض أن فصائل الثوار في مخيم اليرموك هم مجاميع من القتلة، ويرفضون الخروج من المخيم ويصرون على التمترس فيه؛ هل يحق لبشار تبعا لذلك أن يرد عليهم بقتل 50 ألف إنسان جوعا ومرضا؟!

الدول المحترمة تفاوض الخاطفين أياما وأسابيع، وتبعث لهم بكل ما يحتاجونه من طعام لأجل الحفاظ على حياة بضعة أشخاص (مخطوفين)، ونحن هنا نتحدث عن خاطفين قد يكونون لصوصا أو مرتزقة، وليسوا أصحاب قضية عادلة، كما هو حال ثوار سوريا، فلماذا يكون من حق بشار أن يقتل أهالي المخيم لأن المسلحين فيه يرفضون الاستسلام؟!

هذا من حيث المبدأ، لمن كان يؤمن بالمبادئ أصلا، وليس من ذلك اللون الذي يتبجح بأن المخيم وحياة أبنائه ليست أهم من الحفاظ على نظام المقاومة والممانعة (أقسم أن أحدهم قال مثل ذلك). أما من حيث نقاش المسألة، فإن القول بأن فصائل الثوار تطلق الرصاص على قوافل الإغاثة، لا يعدو أن يكون كلاما فارغا لا يمر على عقل طفل صغير، وقد تحدث كثيرون من داخل المخيم ونسفوا هذه الرواية، ليس فقط لأنها كذب وتزوير، بل أيضا لأنها تخالف المنطق، إذ أن المسلحين بحاجة للإغاثة مثل الآخرين، الأمر الذي ينطبق على ذويهم وأبنائه وعائلاتهم، ومن المستحيل أن يتورطوا في حرمانهم من العذاء والدواء.

أما حكاية تحييد المخيم، فهي أيضا تستحق الرد، مع أن وضعها موضع التنفيذ قد يكون حلا، كما دعت حماس، لكن النظام يرفض ذلك، لأنه يريد السيطرة عليه، واتخاذه مدخلا لأحياء أخرى يسيطر عليها الثوار، والمشكلة أن المخيم لم يعد جزيرة معزولة، بل يشتبك مع أحياء أخرى في ريف دمشق.

نعم، النظام لم ولن يقبل أن يبقى المخيم تحت ولاية قوة فلسطينية مسلحة لا تتدخل في الصراع، بل يريد السيطرة عليه، واتخاذه منصة نحو استعادة أحياء أخرى، ولذلك، فمن يطالب بتسليم المخيم للنظام، أو لقوى فلسطينية تعمل تحت إمرته، إنما يريد استسلاما من الثوار في عدد من المناطق، الأمر الذي لن يكون مقبولا.

خلاصة القول هي أن من يقتل الناس في مخيم اليرموك، إنما هو نفسه الذي يقتل بقية الشعب السوري بالبراميل المتفجرة، ومن لا يرحم شعبه، لن يرحم الشعب الفلسطيني، هو الذي له سيرة طويلة في قتل هذا الشعب، الأمر الذي ينساه البعض أو يتجاهله مشيرا فقط إلى السنوات الأخيرة من تاريخ النظام.

خلاصة القول هي أن من يحيلون مسؤولية ما يجري لمخيم اليرموك وأهله على فصائل الثوار، إنما يسجلون انحيازا للنظام، وأي كلام غير هذا هو بلا قيمة له على الإطلاق. فالعار كل العار إنما يتلبس النظام، وداعميه، ومن يبررون له في آن.

( الدستور 18/1/2014 )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات