السوريون وقارب النجاة
كان هناك رجل معه قارب ، ويملك ذئب وشاة وضمة خس ، ويريد أن يجتاز النهر من طرف إلى آخر ، لكن هذا القارب لا يحتمل إلا اثنين ، الرجل وإحدى ما يملك ، فاحتار هذا الرجل كيف ينقلها إلى الطرف الآخر ، فلو أخذ الذئب في البداية لأكلت الشاة ضمة الخس ، ولو أخذ ضمة الخس لأكل الذئب الشاة ، فبعد أن فكر طويلا خرج بأن يأخذ الشاة في البداية ويرجع ويأخذ الذئب ويعيد الشاة معه ، ثم يأخذ ضمة الخس ويبقي الشاة ، ثم يرجع ويأخذها من جديد ، فبهذه الطريقة لم ينفرد الذئب بالشاة ، ولا الشاة انفردت بضمة الخس .
هكذا هو الحال في سوريا ، فمن مصلحة النظام السوري القضاء على كافة الأطراف الموجودة على أرضه ، وإخراجهم من سوريا ، لكنه يحتار فيمن يبدأ ، فلو بدأ بالجيش الحر لتحول رصاص جبهة النصرة نحوه ، ولو بدأ بداعش لخاف من الجيش الحر من إعادة صفوفه وقواه ، ولو بدأ بجبهة النصرة لتحالف الجيش الحر مع داعش ،ولو تخلّص النظام السوري من ما يسموه بالعصابات المسلحة ، وأخرجوا داعش وجبهة النصرة من الأراضي السورية ، فهل سيكون حال الشعب السوري مثل الشاة التي ينفرد بها الذئب؟ وهل سيرضى من طالب بالحرية ودفع ثمنها بهذا الحل ، وبهذه النهاية ؟
فأنظار السوريين ،قيادة وشعبا، نظاما ومعارضة ،تتجه نحو جنيف الثاني ، عسى أن يكون فيه قارب للنجاة ، ولإنهاء الأزمة السورية ، وإعادة المياه إلى مجراها ، فهل سيكون جنيف الثاني قارب النجاة ؟ أم انه عبارة عن مصيدة للسوريين ؟