نحتاج لمصارحة جريئة

تم نشره الخميس 23rd كانون الثّاني / يناير 2014 01:21 صباحاً
نحتاج لمصارحة جريئة
د.رحيل محمد غرايبة

نحن بأشد الحاجة لمصارحات جريئة على جميع الأصعدة وعلى كل المستويات بلا استثناء؛ حكومية وشعبية، وزارات ومؤسسات، أحزاباً ونقابات، أفراداً وجماعات، وكلٌ له أسئلته واجاباته المفترضة، وقد تكون المصارحة المطلوبة في منتهى الشفافية والإعلان مع الجمهور، وقد تكون خفيَّة وحديث نفس عميق ولكنه بمنتهى الصراحة...

الحكومة والوزارات والمؤسسات والأحزاب والنقابات؛ الأصل فيها جميعاً أنها تسير وفق خطة مرسومة، وبرامج عملية وجداول زمنية، من أجل تحقيق أهداف محددة عبر مراحل زمنية محددة، فالحكومة معنية بالإجابة على كم كبير من الأسئلة تخص الدولة الأردنية والشعب الأردني، من أجل أن نعلم ونتيقّن هل نحن نسير إلى الأمام أم إلى الخلف، فهل الدولة تسير نحو الشكل الديمقراطي الصحيح، وما شكل الدولة الديمقراطي المطلوب بالضبط؟ وفي أي عام ستحققه؟ وعلى المستوى الاقتصادي متى سنتخلص من الدين العام، وهل نحن نخطط للقضاء على العجز في الموازنة، وتخفيض العجز في الميزان التجاري في المستقبل سنة بعد سنة ؟ وهل نخطط للاستغناء عن المنح والقروض الخارجية، ومتى سيتم ذلك بحسب التوقعات؟ وهل نخطط للقضاء على الفقر، وحل مشكلة المواصلات حلاً جذرياً؟

وعلى الصعيد التربوي والتعليمي هل يمكن أن تجيب الجهة الحكومية المسؤولة هل هناك خطة مرسومة كفيلة بوضع عام محدد قادم ولو بعد خمس سنوات مثلاً، لرفع سوية الجامعات، ورفع سوية المناهج ورفع سوية الخريجين وفقاً لمعايير منضبطة ونبتعد عن الاستغراق في الشكليات، وإغراق السوق بالشهادات، التي لا تعبر عن المستوى المطلوب التي أسهمت بانحدار المجتمع وتخلفه في كل مجالات الحياة!!

تلك الأسئلة ليست متوجهة إلى الحكومة فقط، بل إن كل الجهات والأطراف الأخرى معنيّة بالإجابة على مجموعة ضرورية وحرجة من الأسئلة المهمة، وهذا وقتها، فهل الأحزاب السياسية تسير إلى الأمام وفقاً لخطط وبرامج صحيحة، تجعلها تتقدم على صعيد امتلاك الرؤى السليمة، والخبرات العلمية، وامتلاك البديل، وهل هي قادرة على استيعاب الشباب والأجيال الجديدة؟ وهل هي قادرة على استيعاب العقول النابهة والمبدعة، وقادرة على استقطاب الطاقات والتخصصات الوافرة، أم أنها تسير إلى الخلف في هذا المجال، وأصبحت أكثر عجزاً عن استقطاب الطلاب والشباب، فضلاً عن العجز على الاحتفاظ بطاقاتها، في ظل عدم القدرة على توظيفها، وفي ظل فقدانها للبرامج العملية التي تصقل من خلالها خبرات أعضائها، ورفع سوية جمهورها ومؤيديها، وإذا أردنا أن نقف على حقيقة المشكلة وجوهرها، سنجدها تتمثل بأن القوى السياسية لم تستطع أن ترتقي إلى ثقة المجتمع بأنها تمثل بديلاً ناجحاً، أو أنها متقدمة على الجانب الرسمي من حيث البرامج والخطط والرؤى والخبرات والطاقات والكفاءات، فهي إن لم تكن صورة مشوّهة عن الأنظمة، فهي في وضع أقل كفاءة، وأكثر ترهلاً، وأضعف خبرة، حيث اقتصرت على الشعارات، والاستغراق في الشكليات، التي لم تستطع أن تحقق من خلالها أهدافها وغاياتها المتعلقة بمجتمعاتها والقضايا الكبرى لأمتها.

ما أقصده بالضبط هنا ليس الدخول في جدلية نظرية، بقدر ما نحاول جاهدين وبطريقة جماعية أن ننتقل إلى مرحلة طرح الأسئلة العلمية والبحث الموضوعي في أوضاعنا المتردية على جميع المستويات السياسية والاقتصادية والعلمية، من أجل تلمس المشكلة الحقيقية بروح المسؤولية، وليس بروح التبرير، وفلسفة الهروب والبحث عن مشاجب الهزيمة والفشل.

فعلى سبيل المثال ليس من المقبول عقلاً ولا شرعاً ولا عرفاً، بعد مرور ما يزيد على نصف قرن من العمل والإعداد والتنظير، أن تكون النتيجة أن (اسرائيل) أكثر تمتعاً بالأمن والقوة، وتستمر في تحقيق برامجها في الاستيطان وتهويد الأرض، وتملك القدرة على فرض إرادتها، ونحن ما زلنا نحسن عدّ أرقام المهرجانات، ونرفع من سوية الاحتفالات وتدبيج الخطابات.

وليس من المعقول كذلك أن تمر العقود من السنوات، ويكون الإنجاز أن نشد الرّحال إلى ((سويمة)) قرب البحر الميت، وإقناع الناس أن هذا النشاط يمثل بديلاً عن شد الرحال إلى الأقصى وأن نسميه كذلك! عندما يقترب العدو من تهويد الأقصى أو تقسيمه أو هدمه، أو تسطير بيان شديد اللهجة، يعفى كاتبه من المسؤولية التاريخية.

المطلوب فقط هو الإجابة على السؤال هل هذه الطرق في المعالجة، وهل هذا المنهج المتبع منذ سنوات طويلة يحقق انجازات فعلية على الأرض، وهل هناك تقويم جريء يخبر الجمهور بالحقيقة، وما الفرق الجوهري بين الاحتفال هذا العام، والاحتفال قبل عشرين عاماً ؟! سوى تغيّر الوجوه ونبرة الصوت والتنافس في استخدام الألفاظ، وقوة حركة اليد وحدتها بالتلويح.

نريد أن نصل إلى قناعة جماعية أن المراجعة والتقويم والمصارحة الجريئة قد آن أوانها وهذا هو وقتها ، قبل أن نشرع بالتلاسن وتبادل الاتهامات وعبارات التهكم والسخرية، التي يتقنها بعضهم والتي تؤشر على العجز المستشري في الأطراف جميعها وتغطي على التخلف وقلة الحيلة.

( الدستور 2014-01-23 )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات