تمكين وزارة المالية

تم نشره الأحد 26 كانون الثّاني / يناير 2014 02:51 صباحاً
تمكين وزارة المالية
د. فهد الفانك

في الأدبيات الفرنسية أن وزير المالية يجب أن يكون فظاً غليظ القلب ليحمي المال العام ويصمد أمام المطالب المالية الجائرة. على المستوى الشخصي لا نريده كذلك ، بل نريده قوياً ومسيطراً على المنظومة المالية العامة للدولة ، وهذا يتطلب في المقام الأول أن يكون مدعوماً بقوة من رئيس الوزراء ، وأن يكون هذا الدعم معروفاً للجميع.

صحيح أن كل الوزراء مدعومون من رئيس الوزراء ، ولولا ذلك لما بقوا في مناصبهم ، ولكن المطلوب أن يكون وزير المالية بالذات مدعوماً بشكل خاص ، ليس فقط ليقول لا ، بل أيضاً ليستطيع شطب بعض أبواب الإنفاق أو تقليصها بشكل جراحي.

من حسن حظ الأردن أن يتعاقب على وزارة المالية وزراء متميزون بمؤهلات عالية وخبرات طويلة ومتنوعة ، ولكن تميز الوزير ليس كافياً إذا كان 97% من موازنته مفروضاً عليه ، ولا يستطيع أن ُيعمل قلمه الأحمر في بعضها.

ممارسة سياسة مالية في الأردن غير واردة طالما أن وزير المالية لا يستطيع أن يتصرف بأكثر من 3% من الموازنة العامة ، ذلك أن 97% منها مقرر سلفاً ولا يخضع للنقاش ، مثل الرواتب والتقاعد والفوائد والإيجارات وتكاليف الدعم المختلفة.

لا يستطيع الاقتصاد الوطني أن يتطور بالاتجاه الصحيح بدون سياسة مالية قوية ، بل إن برنامج التصحيح الاقتصادي يركز على المشكلة المالية بالذات كما تتمثل في اتساع عجز الموازنة وارتفاع المديونية. أما السياسة النقدية فإنها تتحرك بحرية كاملة لأن محددات حركتها محدودة جداً.

يكمن الحل في تمكين وزارة المالية بحيث لا تستطيع أية جهة رسمية أن تتخذ قرارات وتقدم وعوداُ وُتحدث التزامات مالية دون موافقة مسبقة من وزارة المالية. ونحن لا نتحدث عن تجاوز المخصصات المرصودة في الموازنة ، بل عن ترتيب التزامات على الخزينة سواء كانت لأغراض جارية أو رأسمالية.

وزارة المالية تكتسب أهمية خاصة في حالتنا لأن هناك إجماعاً على أن التحدي الأول الذي يواجه الأردن هو العجز المالي الذي عولج حتى الآن بالاقتراض من الداخل والخارج وهي سياسة غير قابلة للاستمرار بعد أن تجاوزت المديونية خط الأمان ، أما التحديات الأخرى فالتعامل معها يتوقف على الوضع المالي. وإذا كانت نقطة الضعف في الاقتصاد الأردني موجودة في الجانب المالي فإن سلطة الإصلاح الاقتصادي يجب أن تنطلق من وزارة مالية قوية وتتمتع بدعم كامل على أعلى المستويات الرسمية.

( الرأي 2014-01-26 )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات