نسبة مشاركة المرأة الأردنية في الاقتصاد لم تتغير منذ عقدين
المدينة نيوز - دعا مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية، لا عادة النظر بمجمل السياسات الاقتصادية والاجتماعية، والسياسات التشريعية والتعليمية باعتبار ذلك شرط اساسي للتمكين الاقتصادي للمرأة الأردنية وزيادة مساهمتها في سوق العمل..
وفي مائدة مستديرة عقدها المركز مساء السبت، لإطلاق ورقة سياسات بعنوان "تعزيز الجهود الرامية لزيادة المشاركة الاقتصادية للمرأة الأردنية"، اكد المركز ضرورة إعادة النظر بمجمل السياسات الاقتصادية باتجاه منحها أبعاداً اجتماعية تأخذ بعين الاعتبار الحاجات والأوليات الأساسية التي يتطلبها المجتمع الأردني، بعيداً عن السياسات الاقتصادية الجاهزة، وأن تتوجه كامل هذه السياسات نحو توليد فرص عمل لائقة وعلى وجه الخصوص للنساء. وتوجيه الاستثمارات نحو المشاريع المولدة لفرص العمل، مع تقديم تسهيلات لهذه المشاريع في حال تشغيل النساء بنسب معينة لديها، وهذا يتطلب تعديل قوانين الاستثمار في الأردن بما يحقق هذه الغاية.كما دعت لاعتماد نظام العمل الجزئي (أقل من 8 ساعات في اليوم)، كعمل رسمي لأن هذا النوع من العمل يساعد المرأة على القيام بدورها في المنزل. وكذلك اعتماد نظام العمل من البيت بالنسبة للأعمال التي يمكن القيام بها من البيت مثل العمل بالقطعة، على أن يكون في إطار العمل المنظم، وأن يتم التعامل مع هذا النوع من الأعمال باعتبارها أعمالاً نظامية (رسمية) وأن يكون خاضعاً لقانوني العمل والضمان الاجتماعي.
وعرض المدير العام للمركز احمد عوض لورقة السياسيات التي جاءت حصيلة عدة جلسات تركيز عقدها المركز في عدد من محافظات المملكة، شارك بها سيدات اعمال وناشطات في قضايا المرأة.
وقال عوض أن نسبة المشاركة الاقتصادية للأردنيين بشكل عام وللمرأة بوجه خاص ما تزال ضعيفة. ويعتبر تدني المشاركة الاقتصادية للمرأة من أبرز الاختلالات التي يعاني منها الاقتصاد الأردني. ويبلغ معدل المشاركة الاقتصادية المنقح (قوة العمل منسوبة إلى السكان 15 سنة فأكثر) 36.4% كما أن معدل مشاركة المرأة الاقتصادية المنقح بلغ 12.1%، وهي لم تتغير بشكل ملموس منذ ما يقارب عشرين عاماً، وتعد هذه المعدلات متدنية جداً مقارنة مع غالبية دول العالم، حيث تشير الأرقام المقارنة أن معدل المشاركة الاقتصادية لكلا الجنسين على مستوى العالم لعام 2012 وصلت إلى 64.1%، أما في الشرق الأوسط فقد بلغت 48.1% وفي شمال أفريقيا 49.1%. وقال ان الضعف الشديد للمشاركة الاقتصادية للمرأة،يعد من أهم العقبات التي تواجهها جهود التنمية الاقتصادية في الأردن، لأن ضعف المشاركة الاقتصادية للمرأة يعني هدر طاقات وامكانات إنتاجية كبيرة وهامة في عملية التنمية، كما ينعكس هذا الضعف سلباً على معدلات النمو الاقتصادي وبالتالي ضعف المستوى المعيشي للمواطنين، والذي لا يمكن أن يتحقق دون مشاركة فعالة لكافة مكونات المجتمع رجالاً ونساءً.
كما علقت الخبيرة في قضايا المرأة الدكتورة نبيلة السيوف على ورقة السياسات، حيث طرحت تساؤل مفاده هل نسعى وراء تمكين اقتصادي للمرأة ام مشاركة اقتصادية؟، وقالت السيوف انه وعلى الرغم من ان موضوع تعزيز المشاركة الاقتصادية للمرأة الاردنية ليس جديدا لكنه على مستوى الاهمية يتناول احد اهم مجال من مجالات النهوض بالمرأة الاردنية.
وعرضت الورقة لا سباب تدني المشاركة الاقتصادية للمرأة الاردنية، فأشارتان السياسات الاقتصادية التي اتبعتها الحكومات الأردنية المتعاقبة وتطبيق العديد من برامج إعادة الهيكلة وفق وصفات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وما ترتب عليه من إجراءات تقشفية إلى تقليص الإنفاق الحكومي الاجتماعي، بما فيها الحد من الاستخدام والتوظيف في مؤسسات القطاع العام، الذي يعتبر المشغل الرئيسي في الأردن، كما أنه يعتبر قطاعاً جاذباً لتشغيل النساء بسبب شروط العمل الجيدة التي يعمل بموجبها العاملين مقارنة مع القطاع الخاص، حيث أن 48.2% من النساء المشتغلات يعملن في القطاع العام، في حين أن 36% من المشتغلين الذكور يعملون في القطاع العام. هذا إلى جانب أن السياسات الاستثمارية التي تم اعتمادها خلال العقدين الماضيين لم تتمتع بالحساسية لجانب توليد فرص العمل من جهة ولتشغيل النساء من جانب آخر.
يضاف إلى ذلك ضعف ظروف العمل بشكل عام في سوق العمل الأردني، والتي تعتبر طاردة لكل من الرجال والنساء معاً، حيث انخفاض معدلات الأجور إذ أن 62% من العاملين بأجر في الأردن لا تزيد رواتبهم الشهرية عن 400 دينار، مع الأخذ بعين الاعتبار تعرض النساء في سوق العمل لانتهاكات في حقوقهن أكثر من الرجال ومن هذه الانتهاكات، طول ساعات العمل والحرمان من الاجازات السنوية والمرضية والرسمية، إضافة إلى عدم توفر بيئة عمل مناسبة تراعي احتياجات المرأة ،كذلك لعبت النظرة التقليدية للمرأة ودورها في المجتمع عاملاً أساسياً في تدني مشاركتها الاقتصادية،
وتطرقت الورقة للأسباب القانونية التي ساهمت في عدم التمكين الاقتصادي للمرأة وركزت على قانوني العمل والضمان الاجتماعي. كما اشارت الى الخلل الموجود في النظام التعليمي من حيث عدم مواءمة مخرجات النظام التعليمي في الأردن مع متطلبات سوق العمل، أدى بشكل عام إلى إضعاف المشاركة الاقتصادية للرجال والنساء معاً.
ومن الخيارات والبدائل التي طرحتها الورقة للنهوض بمشاركة المرأة الاقتصادية، دعت الى الاستعانة بخبرات قادة الرأي في المجتمع عند وضع التشريعات الاقتصادية أو تعديلها، وصياغتها بطريقة تراعي النوع الاجتماعي واحتياجات المرأة وأن تكون قائمة على نهج حقوق الإنسان، خاصة ما يتعلق منها بمعايير العمل اللائق، وأن تستند هذه السياسات إلى الواقع وإلى الدراسات الميدانية التي أجريت في هذا المجال، وأن يكون واضعو السياسات من خلفيات واختصاصات وخبرات مختلفة ولديهم إيمان بمساواة النوع الاجتماعي، ورؤية وفهم شامل لأهمية المشاركة الاقتصادية للمرأة. وهذا يحتاج إلى توسيع قاعدة واضعي السياسات وأن لا تقتصر على الجهات الرسمية فقط. كذلك تعديل التشريعات بحيث تنص أحكامها على تساوي الأجور بين الرجال والنساء عند تساوي العمل إعمالاً للاتفاقيات التي وقع عليها الأردن ومنها اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 111 للعام 1958 بشأن التمييز في الاستخدام والمهنة، فأحكام هذه الاتفاقيات لم تتبلور بصورة واضحة في القانون الأردني بالنص الواضح على تساوي أجور العاملات والعاملين عند تساوي العمل، وتعديل النصوص القانونية أينما وجدت بحيث يتم ضمان المساواة بالحقوق بينهما، وخاصة في العلاوات العائلية.
كذلك دعت الى اعادة النظر بالنظام التعليمي بحيث يتم إعادة تركيز أدوار كليات المجتمع الجامعية إلى أدوارها التي أنشئت من أجلها، للعمل على تأهيل فنيين وحرفيين بالتخصصات المهنية المساندة. وإغلاق التخصصات الجامعية التي لا يتوفر لها فرص عمل، والتوقف عن تدريسها في الجامعات والكليات وتوسيع التخصصات المهنية التي تقدمها مؤسسة التدريب المهني للفتيات وعدم اقتصارها على التخصصات التقليدية مثل الخياطة والحياكة والأشغال اليدوية.