" خزانة الجاحظ " حنين للقدس والفرات وشقائق النعمان يلف عشاق الكتاب
المدينة نيوز - عمرها ضارب في تاريخ يمتد الى القرن الثامن عشر , تنشر الفكرة والمفردة , لتروي شغف القراءة بين ضفتي نهر الاردن .. تلك هي مكتبة " خزانة الجاحظ " , التي اشتمت نسيمها حارات القدس العتيقة وعبق دجلة والفرات وعطر بردى الشام وشقائق النعمان, لتحط رحالها منذ النكبة في قاع مدينة عمان واضعة بصمة لافته في تاريخ الكتاب.
مكتبة متنقلة نالت عشق رواد استحضروا بها روح وحدة بلاد الشام وحلم ازالة الحدود , اذ لم تغلق ابوابها على مدار الساعة منذ ان انشت - الا ما ندر ولاسباب قسرية - , فباتت شاهدا حيا على نشر الثقافة , ومعلما يعج بالحنين للقدس والشام وبغداد وفقا لصاحبها ووارث نهجها هشام المعايطة الشهير في الاوساط الثقافية والادبية ب " الجاحظ " .
تبرز قيمة الدعوة الى القراءة والعودة الى التراث وامهات الكتب وبطونها , عبر طريقة ولا اروع ابتدعها المعايطة للتشجيع على ولوج عالم الكتاب , حين لا ينظر الى قاصد مكتبته على انه مكسب مادي , فتلك ليست غايته , اذ يرضى بمقايضة الكتب باي مواد عينية اذا لم يتوفر مع قاصديه المال .
مبرره في ذلك : لم اسع يوما الى جمع المال فانا غني بما املك من معارف وعلوم وقدرة على تصنيف الكتب ومعرفة اسماء اشهر الكتاب العالميين والعرب , ذلك هو عزي , وتلك هي ثروتي , لذلك اجدني اقبل بمقايضة الكتاب ب " ساندويش " , او ب " كاسة شاي " ..
ادرك قيمة المطالعة , يضيف , فاحرق على محبيها مراحل التردد في الاقدام على شراء الكتاب لغياب القدرة المالية عندهم .
وبتلك الطريقة اعفي عشاق القراءة من الفقراء خاصة من حرج ضيق ذات اليد .
وعدا عن اسلوب المقايضة فانه يشجع على استعارة الكتب مبدلا كتابا قديما باخر جديد , على ان يتم اعادته لدى الانتهاء من قراءته ليستعار لاحقا غيره وهكذا , مشيرا انه يثق بزبائنه ويعرف امانتهم , كما انه يبدل كتب البيوتات بكتب اخرى , على انه يغذي مكتبته ايضا من عائلات على سفر او على تغيير كتب مكتبتها المنزلية .
وفي الاثناء ولدى حديثه لوكالة ل " بترا " عن اسلوب المقايضة " الفكرة " قدمت سيدة تناهز الستينيات الى مكتبته وفي حوزتها مجموعة من الكتب القديمة تود استبدالها بقديم او جديد لا يهم كما تقول , مشيرة الى انها حريصة على زيارة تلك المكتبة كلما تسنى لها ذلك , فيما ابتاع شاب رواية جديدة بمبلغ زهيد معربا عن سعادته باسلوب المقايضة وبيع الكتب باثمان زهيدة , مضيفا : ان المعايطة يشجعه على القراءة حين ييسر له استبدال كتابه الجديد هذا وبعد الانتهاء من قراءته باخر وبدون مقابل مادي او عيني , حيث يكتفي بالقيمة المادية الاولى التي دفعت لقاء الشراء .
يعود المعايطة للقول : ارى في الافق عودة للقراءة لشباب امتنعوا لسنوات عن ذلك بسبب الاعتماد على مواقع التواصل الاجتماعي , لكنهم عادوا الى شغفهم الاول وهو الكتاب , حين يؤكدون ان لا بديل عن رائحة الورق وسماع صوت تقليب صفحاته , ووضع اشارة على الصفحة التي انتهى عندها القارىء لتذكره بالعودة اليها . ويثني مدير المشاريع الثقافية في مكتبة الاسرة في وزارة الثقافة الدكتور احمد راشد على مشجعي القراءة , ويقول : انه مع اي طريقة تعزز الاقبال على الكتاب , بما في ذلك اسلوب المعايطة في المقايضة معربا عن اسفه لما اسماه بالاحجام عن القراءة وخاصة لدى فئة الشباب لانشغالهم بمواقع التواصل الاجتماعي .
ويوضح راشد باننا كامة عربية بالاجمال امة لا تقرأ مقارنة بشعوب اخرى , ففي اسبانيا على سبيل المثال تطبع سنويا 125الف كتاب مترجم , فيما لا تتعدى حصة القارىء العربي بالاجمال الصفحة الواحدة سنويا .
ويستدرك وهو عضو الهيئة الاستشارية في المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ( اليكسو ) وهي منظمة تابعة لجامعة الدول العربية بقوله : الا ان نسبة القراءة في الاردن افضل مقارنه بغيرها من الدول العربية نظرا لانتشار دور النشر ووجود بعض المشروعات المحفزة على القراءة ورفع سويتها مثل مكتبة الاسرة , ومكتبة امانة عمان , وغيرها.
ويدعو الشباب الى توظيف استخدامهم للتكنولوجيا في الاطلاع على صفحات الادباء والشعراء والكتاب والمثقفين ما يثري معارفهم ويبقيهم على تماس مع الكلمة والمفردة .
--( بترا ) إ ق/س ق
28/1/2014 - 12:29 م