من ايقظ فينا هذا الانحطاط..؟!

تم نشره الجمعة 14 شباط / فبراير 2014 12:50 صباحاً
من ايقظ فينا هذا الانحطاط..؟!
حسين الرواشدة

كلما تعافت بلداننا من حمى الانقسامات الطائفية والمذهبية ، وتجاوزت صراعاتها القبلية والتاريخية ، وجدنا بيننا - دعك من اجندات الآخر الجاهزة - من يوقظها من جديد ، ومن يشعل عيدان الكبريت بحقولها اليابسة ، تارة دفاعاً عن الهوية الوطنية ، وتارة باسم حقوق الاقليات ، وتارة باسم السياسة ومحاصصتها المغشوشة.

لا توجد لدينا خلافات مذهبية حقيقية ، فالمذاهب الاسلامية مدارس فكرية خرجت من دائرة التعددية والاختلاف ، وهي دائرة مشروعة في الدين والعقل ، وقد اثرت في حياتنا الفكرية والفقهية ، وشكلت - وما تزال - تراثاً حضارياً تعتز به امتنا ، ولنا ان نتصور دينا أو فكرا بلا مدارس وبلا اختلافات في الفروع والاجتهادات .. فكرا احاديا لا دوائر فيه ولا اتجاهات ، حينئذ يمكن ان نفهم معنى الجمود وعسر التطبيق و الهضم ، والقطع الذي يفضي الى القطبية و الهروب ، والوحشة التي تطفئ القلوب.

ولا توجد لدينا انقسامات في الهوية ، ففي الدائرة الكبرى ثمة هوية اسلامية وحضارية تجمع الكل ، وفي الدائرة الاصغر هوية قومية يتوحد فيها الجميع ، وفي الدائرة القطرية هوية وطنية خرجت من تقاطع هذه الدوائر ، والهوية - هنا - لا يمكن اختزالها في المزاجات الطارئة ، او الذوائق المريضة ، أو في (الكلمة) واللباس ، ولا يمكن انتزاعها من سياقها التاريخي ، او تجميدها في ثلاجة (العصبية) ...أو بعض المواقف الناشزة.

ما حدث ، أن عدوى الانقسامات السياسية اقحمت قسرا وادخلت في عباءة (المذهبية) ، او تحت زاوية (صراعات الهوية) أو في اجندة الطائفية الدينية ، فأصبحنا نتحدث باسم الدين والطائفة و المذهب عن السياسة ونتقاسم ادوارها ومخصصاتها بدعوى الحق المذهبي أو الوطني أو غير ، فيما لا نتذكر أن هذه الارض التي خرجت منها الرسالات السماوية كلها ، وان هذه البلاد التي سبقت بحضارتها بلاد الانوار ، لم يكن اختيارها لهذه المهمة السماوية التي تجمع و لا تفرق بمحض الصدفة ، بقدر ما تمثل رسالة للناس فيها بانها عابرة لكل الحدود التي تصنعها اوهام المذهب او الهوية و الطائفية و الاقلية ، وبانها مهاد للناس و العالمين ... وللسنة و الشيعة من المسلمين ، او لاهل الكتاب من اليهود والمسيحيين ، او للمصريين والسوريين والاردنيين والفلسطينيين.

انه مجرد عبث في النواميس ، تتحمل مسؤوليتة نخب من السياسيين الذين ضلوا الطريق أو من المثقفين الذين اودعوا ضمائرهم في جيوبهم أو غيرهم ممن حمل الاثم ، ولا تحتاج المسألة الى تدقيق فيما يجري وفيما يتغلغل داخل الصدور و الاجندات ، فالعنوان الذي تصدر منه الاصوات واضح تماما ، و الرسالة لم تعد مشفرة ، واللعب على حبال المخاوف مجرد تسديد لفواتير ، أو سحوبات جائرة من الارصدة التي ما عادت مقدسة.

( الدستور 2014-02-14 )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات