بطالة وطنية!!

تم نشره الثلاثاء 18 شباط / فبراير 2014 01:19 صباحاً
بطالة وطنية!!
خيري منصور

هذا النمط من البطالة لا يرد في قائمة البطالات بالمعنى الاقتصادي، فقد يكون الفرد موظفا وله دخل لا بأس به لكنه عاطل عن كونه مواطنا، وقد اطلقت مصطلحات من طراز حزب الكنبة في مصر والاغلبيات الصامتة في اقطار عربية اخرى للتدليل على هذه البطالة لكن على نحو غير مباشر.

البطالة بالمفهوم الاقتصادي وقدر تعلقها بالعمل او العثور على وظيفة قابلة للحل، رغم ان تفاقمها قد يؤدي الى انفجارات لا اخر لها تعصف بالبلاد والعباد معا.

لكن البطالة الوطنية لا حل لها فهي تضاعف من حالة الاستنفاع السياسي الذي هو افراز استنقاع اجتماعي وثقافي، تمهد له تربويات سلبية تكرس الخلاص الفردي وتحول الناس الى جزر متناثرة ومتباعدة في محيط هائل!

وما صدر من كتب حول مفهوم المواطنة باللغة العربية وحدها يصل الى العشرات لكن العزوف المزمن عن القراءة حولها الى صيحات بلا صدى في البراري.

ان تضخم الهوية يتناسب عكسيا مع المواطنة، لانه احيانا يعوض نقصانها فالانتماء الى زمن وربط المصير الشخصي بمصيره عضويا لا يأتي من نشيد او من اي مصدر عاطفي فقط فالعاطفة في هذا الانتماء بحاجة الى تصليب بالحديد والاسمنت كي لا يكون مفهوم المواطنة مجرد كتلة من الطين الرخة الذي يعاد تشكيلها حسب المناسبات وما تقتضيه المصالح الصغرى.

المواطنة ليست مهنة، انها الابنة البكر لحمل تاريخي طويل، فالجغرافيا في هذا السياق لا تكفي، وكلما عدنا مجددا الى مفهوم الهوية نجد انفسنا نراوح حول عدة تعريفات مُترادفة رغم ان جذر الهوية هو ما يسمى بالانجليزية ناراتيف وقد استخدمها الراحل ادوارد سعيد بالسردية الوطنية، وهي باختصار ذلك الجاذب التاريخي والنفسي والثقافي الذي تتحلق فيه الجماعات البشرية وتندمج حد الانصهار في بوتقته.

لكن المشكلة الحقيقية هي بلاغة الاناشيد والاطروحات النظرية التي تحجب جوهر المسألة، فلكي نصدق ما يقوله الناس في كل مكان وعن انتسابهم الوطني علينا ان نحتكم الى اختبارات ميدانية منها كوارث الطبيعة والحروب وتعرض الاوطان لخطر الغزو.

بعد هزيمة حزيران عام 1967 كتب د.صادق جلال العظم في كتابه الناقد للمجتمع العربي وثقافته السائدة يقول: ان الفرد وجد نفسه وحيدا وأشبه بسلحفاة فقدت صدفتها واصبحت كتلة هلامية في العراء.. تكرر هذا المشهد مرارا خلال عقود وفي عدة بلدان، وكأن العلاقة بين الوطن والمواطن تعود الى ما قبل الماغناكرتا كي لا نقول الى ما قبل العقد الاجتماعي لروسو.

وما من تفسير للنزاعات على اختلاف مرجعياتها في العالم العربي خصوصا في اقطار تعاني الاحتلال والارتهان الا ان مفهوم المواطنة لم يتبلور بعد

فمن يعيشون ما قبل الدولة يعيشون بالضرورة حقبة ما قبل التمدن والمواطنة.

( الدستور 18/2/2014 )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات