أوكرانيا بين شرق وغرب

تم نشره الثلاثاء 25 شباط / فبراير 2014 12:32 صباحاً
أوكرانيا بين شرق وغرب
جهاد الخازن

ربما كنا نشهد في أوكرانيا آخر فصول الحرب الباردة، وفي حين أن الصراع ليس بين المعسكرَيْن الاشتراكي والرأسمالي، فانه يبقى بين شرق وغرب، حتى أن هذه القسمة موجودة داخل أوكرانيا نفسها، فشرق البلاد يتطلع شرقاً، وغربها يفضِّل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بعده.

الرئيس فكتور يانوكوفيتش غامر، أو قامَر، وخسر فالأزمة التي انتهت بتركه العاصمة بدأت في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي عندما قدَّم الاتحاد الأوروبي عرض شراكة وتجارة رفضه الرئيس واختار الاعتماد على المساعدة الروسية.

ربما رأى يانوكوفيتش أن العرض الأوروبي، على المدى القصير، سيؤدي إلى ارتفاع البطالة مع تضمنه شرط إغلاق الشركات والمصانع الخاسرة، وهو كان يستعد ليرشح نفسه لولاية ثانية في 2015، والبطالة ستؤثر سلباً في شعبيته.

النتيجة يعرفها القارئ فقوات الأمن استهلكت واستنفدت، وتخلت عن وسط العاصمة كييف للثوار من الشعب، وعقد اتفاق بين الطرفين نصَّ على العودة إلى دستور 2004 الذي يقلص من سلطات الرئيس ويوجد توازناً أفضل بين الرئيس والحكومة والبرلمان، وعلى إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في أيار (مايو) المقبل بدل الانتظار سنة أخرى.

المعارضة ليست أفضل من يانوكوفيتش فهي لم تكد تسيطر على كييف حتى خرجت على الاتفاق وعزلت الرئيس الذي انتقل إلى شرق البلاد ويصر على أنه يبقى الرئيس المُنتَخَب شرعياً.

روسيا عندها أوراق كثيرة تستطيع استعمالها في أوكرانيا ووزير خارجيتها سيرغي لافروف اتصل بوزراء الاتحاد الأوروبي الذين عقدوا الاتفاق محتجاً، وقال إن المعارضة الأوكرانية مثل المتطرفين الإرهابيين في كل مكان، ووعد، أو أوعد، بأن بلاده لن تسكت. وفي حين حذر الغرب روسيا من التدخل العسكري في أوكرانيا، فإنني لا أجد هذا الاحتمال قائماً، وإنما لروسيا أسلحة كثيرة تستعملها.

هناك غالبية من الأوكرانيين من أصل روسي في شبه جزيرة القرم حيث جرت تظاهرات تؤيد روسيا ويانوكوفيتش، وفي جنوب أوسيتا وأيضاً مولدوفا. وهناك حديث علني الآن عن انفصال إقليم شبه جزيرة القرم.

يانوكوفيتش لم يستخدم القوات المسلحة في المواجهة مع المعارضة لأنه على ما يبدو لم يكن يثق بولاء الجيش وخشي أن ينضم بعض أفراده ووحداته إلى المعارضة. أو هو خشي حرباً أهلية يطلقها التدخل العسكري.

غير أن الوضع الآن ينذر بحرب أهلية إذا لم ينفذ الاتفاق الذي رعاه وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي كما هو، وليـــس كما انتهكت المعارضة بنوده، فشــعب أوكرانيا منقسم على نفسه، وبذور الحرب الأهلية موجودة في تكوينه، وشرق البلاد مع تأييد روسيا لن يقبل هزيمة أمام غربها.

ربما استطاع الرئيسان باراك أوباما وفلاديمير بوتين الوصول إلى تفاهم ينتهي بلا غالب أو مغلوب. وكان الرئيس أوباما ألغى الصيف الماضي اجتماعاً مع الرئيس بوتين وذلك للمرة الأولى في السنوات الخمسين الأخيرة من العلاقات بين البلدين. غير أنه هذه المرة اتصل بالرئيس الروسي في نهاية الأسبوع ودامت المحادثة بينهما ساعة ركزت على أوكرانيا ثم تجاوزتها إلى قضايا أخرى، وقال مسؤولون أميركيون إن الحديث كان إيجابياً.

العلاقات بين أميركا وروسيا ليست طيبة هذه الأيام فقبل أوكرانيا كانت هناك خلافات على سورية وإيران، وعلى إعطاء ادوارد سنودن لجوءاً في روسيا بعد أن سرَّب أسرار وكالة الأمن القومي. بل إن البلدين غير متفقين على الخطوة التالية في برنامج نزع التسلح النووي.

الرئيس بوتين قادر على التصرف بحرية، فعنده برلمان طيِّع، أما الرئيس أوباما فمقيَّد مع وجود جمهوريين متطرفين في مجلسي الكونغرس على استعداد لتخريب اقتصاد البلاد، بل برامج الرعاية الصحية والاجتماعية، لمنع باراك أوباما من النجاح رئيساً.

في مثل هذا الوضع لا أطلب لأهل أوكرانيا أكثر من تجنب حرب أهلية لينجوا من مصير شعبنا في سورية.

( الحياة 25/2/2014 )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات