خارج الموسم

فيما تمضي «قنوات أبوظبي»، في قرارها بإنشاء موسم عرض درامي، موازٍ، خارج موسم رمضان الذي بات ركيزة في العرض الدرامي التلفزيوني العربي، إلى درجة يصحّ معها تسمية أيّ موسم عرض درامي، خارج الشهر الكريم، بـ«الموسم اللارمضاني»، تتناهى معلومات تفيد بتراجع قنوات «إم بي سي»، عن عرض مسلسل «سرايا عابدين»، وتأجيله إلى الموسم.
لا حاجة للتذكير بأن الدعوات لم تنقطع، لخلق مواسم خارج رمضان، تتيح للأعمال الدرامية العربية فرصة المشاهدة والمتابعة، بهدوء وتأمّل، بعيداً من الازدحام الرمضاني، المعهود الذي تحوّل سيفاً بحدين، ما بين غانم يخرج بنسب مشاهدة عالية، وخاسر يمرّ عابراً دون أن ينتبه إليه أحد، في غمرة اللهاث اليومي، ومطاردة قرابة 300 عمل درامي عربي، نزعم أنه التقدير التقريبي لمجموع الإنتاج الدرامي العربي، من المحيط إلى الخليج.
وبات واضحاً للمشاهدين، والمتابعين المحترفين، على حدّ سواء، أن الإقبال على هذا العمل، والانفضاض عن ذاك، لا يتعلّق بمعايير الجودة الفنية والفكرية والتقنية، فقط، بل ربما على النقيض منه، مع أعمال متميزة ضاعت في الضجيج والزحام، ضحية مواقيت البثّ، أو أساليب الدعاية والإعلان والترويج، أو سوء الحظ.
وفي وقت اعتقد كثر أن «الموسم اللارمضاني»، يُمكن له أن يكون مَخرجاً من هذا المأزق، بما يمنح المُنتجين فرصة العمل المُستمر، ويوفّر للموزعين إمكانية التسويق على مدار العام، ويضع بين أيدي المشاهدين وجبات متتالية من الأعمال الدرامية، التي يستطيع الاختيار الواعي والهادئ في ما بينها، ويتابعها على مهل... فإن التجربة ما زالت تتلكأ هنا وهناك، على رغم ما تبديه بعض القنوات من عزم، سرعان ما يفتر.
الغريب هنا، أن بعض الدراميين أنفسهم، يبادر لخوض المفاوضات الضارية من أجل حجز مكان في الموسم الدرامي، والنجاة بعمله من «الموسم اللارمضاني»، خضوعاً للمعيار الوهمي القائل إن دخول السباق الرمضاني، هو امتياز بحدّ ذاته، وإن الغياب عنه هو الفقدان العظيم!
في تناقض ما بين القول والفعل، والمُعلن والمُضمر، تُوحي كلها بأن هؤلاء يعتبرون أن فكرة «الموسم اللارمضاني» تختصّ أعمال غيرهم، وليس أعمالهم، التي يرون أنها الجديرة دائماً بالحضور الرمضاني، وفي أوقات ذروة البثّ فيه!
نميل إلى الاعتقاد بأن إنجاح فكرة «الموسم اللارمضاني»، تحتاج لجهود متكاتفة ما بين قرار القنوات والمحطات الفضائية، من جهة، ومبادرة الدراميين أنفسهم، من جهة مقابلة. ويقيناً، أن هؤلاء الدراميين، أو غالبيتهم، أكثر معرفةً من غيرهم، بحكم عملهم، أنه يمكن للأعمال الدرامية أن تنجح على مدار البثّ، وهو ما تثبته التجربة الدرامية العالمية، التي لم تكتفِ بالنجاح التلفزيوني، بل إن بعض عيون أعمالها حاز مشاهدات ومتابعات، لم تحققها أفلام سينمائية.
( الحياة )