من يبكي أخيرا!!

تم نشره الأربعاء 05 آذار / مارس 2014 12:28 صباحاً
من يبكي أخيرا!!
خيري منصور

شاعت عبارة من يضحك اخيرا في ثقافتنا الاجتماعية وامثالنا الشعبية تعبيرا عن انتصار الذكي الدؤوب على المحتال والمراوغ، ولو شئنا استخدام مفردات حديثة لقلنا انه انتصار الاستراتيجية على التكتيك، والابدي على العابر واخيرا العمق على السطح.

ما لم تقله الامثال هو من يبكي اخيرا ، هل هو الغراب الذي صاح من الجوع عند الغروب قائلا وبمعنى أدق ناعقا! آه على ذبابة!

أم الذي سجل هدفا مبكرا على طريقة رب رمية من غير رامٍ واستغرقه الانتشاء بهذا النصر العابر فبكى اخيرا لان جسده اصبح هدفا ومرمى للسهام كلها، وقد أغمد رأسه في الرمل على طريقة النعامة؟

في الحروب عبر التاريخ لم تكن الجولة الاولى هي ما يحسم الحرب، وفي كل المبارزات كان الامر كذلك، والقوي الواثق هو من يوهم خصمه بسهولة الظفر ثم تنقلب المعادلة رأسا على عقب وهذه مناسبة لاستذكار حكاية من زمن الفروسية الذي اصبح فردوسا مفقودا في هذا العصر الذرائعي.

فقد علّم احد الفرسان تلميذا له الدروس كلها واحتفظ بدرس واحد فقط، لانه لمح في عيني التلميذ نذالة مبكرة وعقوقا قابلا للنمو، وذات يوم طلب الفارس من تلميذه ان يبارزه في ميدان عام، لكن التلميذ اعتذر لانه لا يليق باستاذه ان يُهزم، لكن الفارس أصر، وتقدم اليه تلميذه وهو واثق من النصر، فكانت المفاجأة، اذ سرعان ما طرح ارضا وانتصر الفارس، وحين سئل عن سر قوته التي تحدّت العُمر أجاب: بان هناك درسا ادخره لنفسه ولم يعلمه لتلميذه لانه ادرك مبكرا انه لن يكون أمينا، وكان هذا سبب ظفره المفاجىء.

ربما بسبب حادثة كهذه قال الشاعر

أعلمه الرماية كل يوم- ولما اشتدّ ساعده رماني

لكن مفارقات التاريخ والوجود كله هي في تحويل ما هو سبب للانتصار

الى سبب للهزيمة، وتحويل العقبة الى رافعة، والضارة الى نافعة.

كم نحن محظوظون كبشر بمن نكتشف معدنهم مبكرا وقبل التوغل في الرهان فليس كل ما يلمع ذهبا خصوصا في زمن الذهب الصيني والروسي الذي ينصحنا العلماء بالاقلاع عنه لانه يسبب انواعا من السرطان.

واكتشاف معادن الناس اشبه باكتشاف الداء الخبيث مبكرا حيث يمكن علاجه والسيطرة عليه بل استئصاله كي لا ينتشر.

إذن هناك من يبكي اخيرا مقابل من يضحك اخيرا، فالسلحفاة في امثالنا أخرجت لسانها للارنب في سباق المسافات الطويلة.

لهذا دعوا من يضحك اولا يقهقه حتى يستلقي على ظهره، فهو على موعد مع بكاء، لا يليق به غير نعيق الغراب الذي بكى جوعا على ذبابة!!

(الدستور 2014-03-05)

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات