الأردن : فجوة بين أجور الإناث والذكور

المدينة نيوز :- اصدر المرصد العمالي الأردني تقريراً حول مشاركة المرأة في سوق العمل ، المدينة نيوز وصلها نسخة منه وتالياً نصه :

تبقى قضية تعزيز مشاركة المرأة الاردنية في الحياة العامة ابرز القضايا المطروحة على اجندة الإصلاح في المملكة، لاسيما تعزيز مشاركتها في الحياة السياسية والاقتصادية. ذلك أن عملية الاصلاح والتنمية الشاملة لا يمكن أن تتم دون مشاركة المرأة في مختلف مجالات الحياة العامة باعتبارها مكون رئيسي من مكونات المجتمع الاردني اذ تبلغ نسبة النساء في المملكة من مجمل المواطنين 48.5%.

ورغم كافة الجهود التي بذلك خلال العقود الماضية على مختلف المستويات الرسمية وشبه الرسمية والمدنية لتعزيز مشاركة المرأة في الحياة العامة والنهوض بواقعها، الا أن التركيز انصب على تعزيز مشاركتها في الحياة السياسية بالدرجة الاولى لجهة تأكيد وجودها في البرلمان والبلديات والحكومات والاحزاب السياسية، ولم تبذل جهود مماثلة لتعزيز مشاركة المرأة في الحياة الاقتصادية، الامر الذي تؤكده مختلف المؤشرات ذات العلاقة.يأتي ذلك على الرغم من التقدم الملموس الذي حققته المرأة الأردنية في مستويات التعليم المختلفة،الا أن ذلك لم ينعكس على تعزيز مشاركتها الاقتصادية بشكل عام وفي سوق العمل بشكل خاص، بما يشير الى وجود خلل في السياسات التي اتبعت والاستراتيجيات التي طبقت في هذا المجال.

للعام الخامس على التوالي، وبمناسبة اليوم العالمي للمرأة الذي يصادف في الثامن من اذار،يعرض المرصد العمالي الاردني التابع لمركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية لما تم انجازه في الأردن على طريق إدماج المرأة في سوق العمل والوقوف على أبرز المعوقات التي تواجهها.اذتشكل هذه المناسبة محطة سنوية لمراجعة المكتسبات والتقدمالتي حققتها المرأة في مختلف المجالات وعلى كافة المستويات،ولا تغفل الورقة التأكيد على أن قضية المرأة الاردنية ترتبط ارتباطا عضويا بالواقع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي الذي تعيشه المملكة.

وفي استعراضسريع لعدد من المؤشرات الأساسية المتعلقة بوضع المرأة الاقتصادي وخاصة في سوق العمل، فإننا لم نلحظ أية تحسينات جوهرية على وضع المرأة في هذا المجال منذ سنوات طويلة، فلا زالت نسبة المشاركة الاقتصادية للمرأة تراوح مكانها منذ عقدين وبلغت 12.3%. وهي تقل بشكل كبير عن مثيلاتها على المستوى العربي والدولي، إذ تبلغ نسبة مشاركة النساء الشرق الاوسط18.7% وفي شمال افريقيا 24.4%، في حين نجد أن مستوى المشاركة الاقتصادية للنساء عالميا تبلغ 51.1%، وبشكل عام فان معدل المشاركة الاقتصادية للمرأة في العالم العربي يعتبر الأدنى عالميا. ولعل هذا ما يفسر الضعف الكبير في جهود التنمية في المنطقة العربية بشكل عام وفي الأردن بشكل خاص.

ومن جانب آخر بلغت معدلات البطالة بين الاناث في الاردن 18.7% مقابل 9.5% للذكور في عام 2013،وتبلغ معدلات البطالة بين الاناث في العالم العربي 21.2% ، وعلى المستوى العالمي بلغت 6.4 %.

وتتركز مشاركة النساء في سوق العمل الأردني في القطاع العام، اذ تبلغ نسبة مشاركتهن في هذا القطاع 48.2% من مجمل العاملات في الأردن، حيث يعد القطاع العام المشغل الرئيسي للنساء في الممكلة بسبب شروط العمل الجيدة مقارنة مع القطاع الخاص التي يعمل بموجبها العاملين في هذا القطاع. في حين تحجم قطاعات واسعة من النساء عن العمل في القطاع الخاص بسببضعف شروط العمل اللائق في غالبية منشآت هذا القطاع وخاصة المنشآت الصغيرة والمتوسطة،ومنها تدني مستوى الأجور وساعات العمل الطويلة والحرمان من الاجازات السنوية والرسمية وعدم توفر بيئة عمل مناسبة تراعي احتياجات النساء مثل توفير مرافق رعاية لأبناء العاملات (حضانات)، وميل اصحاب العمل لتشغيل الذكور لتجنب انقطاع الاناث المتزوجات عن العمل بسبب اجازة الامومة. ومن المتوقع في هذا الشأن أن تساهم التعديلات التي تم إجرائها على قانون الضمان الاجتماعي في عام 2010 والمتعلقة بإنشاء صندوق لتمويل تكاليف إجازة الأمومة في المساعدة في تشجيع أصحاب العمل على توظيف النساء.

كذلك تعاني النساء من وجود فجوة في الاجور لصالح الذكور، فقد بلغ متوسط الاجور للإناث في القطاع العام 403 دينار شهريا مقارنة مع 457 دينار للذكور شهريا بواقع 54 دينار، وفي القطاع الخاص بلغ متوسط الاجور للإناث 315 دينار شهريا، مقارنة مع 378 دينار شهريا للذكور بواقع 63 دينار.

ومن المفيد في هذا المجال الاشارة الى أن منهجية قياس المؤشر الرئيسي المعلن من قبل دائرة الإحصاءات العامة والذي يبين أن مشاركة المرأة الاقتصادية تبلغ (12.3%) بحاجة الى مراجعة، فهنالك العديد من الدلائل التي تبين أنه لا يعكس حجم المشاركة الفعلي للمرأة في الحياة الاقتصادية الأردنية، وهو بتقديرنا اعلى من (12.3%)، ومن هذه الدلائل، أن عدد النساء المشمولات بالضمان الاجتماعي يبلغ 285 الف مشتركة بنسبة 27.3% من اجمالي المشتركين البالغ عددهم مليون و44 الف مشترك. كذلك فإن 28.6% من فرص العمل التي استحدثها الاقتصاد الأردني خلال النصف الثاني من عام 2012 شغلتها نساء، إذ استحدث الاقتصاد الوطني 28 الف فرصة عمل، شغلت النساء 8 آلاف منها. الامر الذي يدفعنا للاعتقاد أن نسبة مشاركة المرأة الاقتصادية أعلى من النسبة الرسمية المعلنة مع بقائها في مستويات منخفضة.

المؤشرات السابقة تظهر بوضوح ان الواقع الاقتصادي للمرأة الاردنية لا يزال يراوح مكانه، وان التقدم الذي حصل على صعيد تمكين المرأة اقتصاديا واجتماعيا خلال العقود الماضية لا يزال غير ملموس، بما يؤشر على وجود خلل كبير في الاستراتيجيات والسياسات التي وضعت خلال الفترة الماضية أو آليات تنفيذها، أو في كلاهما معا.

لذلك بات مطلوبا اتخاذ سلسلة من التدابير والاجراءات الفعلية والتي من شأنها المساهمة في تعزيز المشاركة الاقتصادية للمرأة من خلال توفير بيئة جاذبة لعمل النساء. ومن هنا لابد من تعديل التشريعات المتعلقة بالعمل وخاصة قانون العمل بحيث ينص صراحة على منع التمييز بين الذكور والاناث في الاجر على العمل المتشابهة، وذلك تطبيقا للاتفاقيات الدولية التي صادق عليها الاردن ومنها اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 111 لعام 1958 بشان التمييز في الاستخدام والمهنة، واعادة النظر كذلك بالنصوص التمييزية في نظام الخدمة والخاصة بالعلاوات. كذلك لابد من اعادة النظر بالنظام التعليمي بحيث يتم فتح المجال امام الاناث للتدريب على مختلف المهن في مؤسسات التدريب المهني وعدم اقتصار تدريبهن على المهن التقليدية، واغلاق التخصصات الجامعية التي لا يتوفر لها وظائف بما يساعد على جسر الفجوة القائمة بين مستويات التعليم المرتفعة للإناث وتدني حجم مشاركتهن الاقتصادية وينبغي العمل على تحفيز النساء للقيام بمشاريعهن الاقتصادية الخاصة بهن.