أوكرانيا مثال طازج!!

تم نشره الإثنين 10 آذار / مارس 2014 01:32 صباحاً
أوكرانيا مثال طازج!!
خيري منصور

قد لا تكون اوكرانيا الآن أمثولة في تاريخ الابتزاز السياسي، أو ما يسمى العزف المزدوج على الخاصرتين على طريقة الاوكورديون، انها مثال طازج لمدى ما تتورط به الدول الكبرى من شد وجذب واستقطاب، اضافة الى ازدواجية المعايير في المقاربات السياسية، فقد يكون لكل من واشنطن وموسكو مواقف متناقضة تبعاً للمقايضات والصفقات التي تسيرها المصالح في عالم حذفت فيه السياسة البعد الاخلاقي بالكامل، واصبح اللعب فيه على المكشوف.

والابتزاز السياسي أو الضغط وتهديد الخاصرات الرخوة للدول لم يكن بحاجة الى المثال الاوكراني كي يتضح، لكنها مجرد مناسبة، وقد تثير التهديدات المتبادلة بين موسكو وواشنطن في ذاكرة جيلنا على الاقل أدبيات الحرب الباردة في ذروتها التي شهدت ازمة خليج الخنازير قبل اكثر من نصف قرن.

لكن الحروب الباردة لا تكون بالتلاسن الدبلوماسي ولا بالتراشق بالاتهامات عن بعد، لهذا فاليوم بالتأكيد ليس هو البارحة، ولن تكون «كييف» هي الفتيل.

في الازمة السورية بدت دمشق للحظة كما لو انها خليج خنازير آخر، بالنسبة لمن تحولت الحرب الباردة في ذاكراتهم الى فوبيا تستدعيها أقل القرائن لكن بلا أية حيثيات.

الرابح والخاسر في مثل هذه الازمات ليس وقودها المحلي والشعبي الذي يدفع ثمن نزاعات دولية، لان الشعوب خلال العقد الاخير وجدت من يستثمر شقاءها ويمتطي موجات حراكها ليصل الى اهدافه بمعزل عن كل احلامها، ما سحب من الحرب الباردة بمفهومها الكلاسيكي ليس الفتيل فقط، بل الايديولوجيا ايضا فما حل مكانها هو المنجم والموقع الجغرافي والسوق، لهذا لم تعد موسكو عاصمة اليسار المسلح بقدر ما هي عاصمة شملتها العولمة، وغيرت من الاولويات، بحيث لم تعد الايديولوجيا أولاً.

ومثلما تصارع القطبان على ما بينهما من تفاوت في القوة في دمشق على حساب اهلها وآثارها واقتصادها وكل ما هو انساني وحيوي فيها يتكرر هذا الصراع في عواصم اخرى لكن تحت عناوين وذرائع مختلفة، لا تسمي المجرفة باسمها كما يقول مثل انجليزي، بل تسميها ملعقة كبيرة، وأيا كان الامر ملعقة أم مجرفة، فان المثال الاوكراني ليس طارئا على صعيد موت الاطفال تحت اقدام الفيلة! واذا كانت العولمة بأشد ابعادها سلبية واستباحة قد جعلت العقاب يسبق الجريمة ويبحث عنها كما قال التشيكي كونديرا، فان تحرير الشعوب تبعاً للوصفة الامريكية هو احتلالها وتدميرها ولعل العراق يعفينا بما هو عليه من ذكر المزيد!

(المصدر : الدستور 2014-03-10)

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات